فجأة تحول مطار كابول بأفغانستان إلى بث مباشر للهروب الأمريكي والأطلسي الجماعي من هذا البلد بعد احتلال 20 سنة. أمريكا تعلن هزيمتها المدوية هناك. ضباط وجنود يبكون، مراسلون يتساءلون ماذا حققنا في عشريتين، خسرنا فيها 2 تريليون دولار و3000 قتيل و5000 انتحار و20 ألف جريح؟
بايدن يقر بكل وضوح: أمريكا لم تعد قادرة على فرض برنامجها .هذه أمريكا لمن يتصورها إلاها على وجه الأرض لا يأتيه الباطل من أمامه ولا من خلفه… أمريكا تُهزم، أمريكا تتراجع. أمريكا تفلس حتى وإن حاولت تصوير هزيمتها بأنها خطة عبقرية ستهيمن بها على وسط آسيا. فهي لم تهيمن وقد استجلبت 150 ألف جندي إلى أفغانستان ومثلهم في العراق وهي تسحبهم الآن في سباق مع الزمن قبل ساعة الصفر 31 أوت وستسحبهم من العراق ومن سوريا.
إن ضخامة ما حدث من كارثة أمريكية سيهزّ الكيان الأمريكي وسينعكس عليه ضعفا وهُزالا مثلما حدث بعد هزيمة الاتحاد السوفياتي هناك. ولكن الغطرسة الأمريكية لا تأخذ العبرة بل تظن أنها دخلت عصر الأحادية لتعيث في العالم فسادا كما شاءت، ولكن ها هي تستيقظ على تنامي أقطاب عظمى بخّرت أحلامها وجعلتها تقف عاجزة مهزومة أمام شعب فقير التفّ كالرجل الواحد ضد المحتل الأمريكي الأطلسي وأوقع فيه الخسائر الفادحة رغم محاولته الاحتماء بعشرات آلاف العملاء الذي انهار جبلهم كالعهن المنفوش بعد هزيمة أسيادهم فراح بعضهم يلهث وراء طائرات الهروب ليجد مكانا في “جنة سيده المستعمر” مثلما حاول بعض العملاء في جنوب لبنان الهروب مع الصهاينة ليتحول بعضهم إلى متسكع في شوارع تل أبيب.