اغتالوا شيرين فارتفع عاليا صوت فلسطين

نزل خبر اغتيال الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة على يد الغدر الصهيوني كالصاعقة على الأمة العربية وعلى أحرار العالم طارحا كما هائلا من التساؤلات: إلى متى يتمادى الصهاينة في هذا الإرهاب والتنكيل اليومي المفضوح بالفلسطينيين. فنحن نعيش كل يوم على وقع إصابة إخواننا وسجنهم وأسرهم واستشهادهم ونتابع انتفاضتهم ومواجهاتهم اليومية لآلة الدمار الصهيونية. نتابع نضالاتهم ضد تهجيرهم وهدم بيوتهم وإتلاف محاصيلهم الزراعية واقتلاع أشجارهم. نتابع فرار الأسرى عبر الأنفاق وبطولاتهم. نتابع العمليات الاستشهادية البطولية في أراضي 48. وتابعنا في مثل هذه الأيام من السنة الماضية ملحمة سيف القدس والتمسك بالبيوت في حي الشيخ جراح وتوجيه الصواريخ من غزة واستهداف الصهاينة في جحورهم.

واليوم يتجدد الصراع مع الصهاينة في ساحة جديدة وهي الساحة الإعلامية وذلك باستشهاد الصحفية شيرين التي استهدفها الصهاينة لأنها تعبر من خلال مجرد نقل الخبر عن صوت ينتصر لفلسطين، صوت ما انفك يكشف للرأي العام العربي والعالمي حقيقة ما يدور على أرض فلسطين. حقيقة عدو مغتصب لأرض العرب. وقد سبق شيرين إلى الشهادة صحافيون كثيرون نذكر منهم بلغ عددهم 15 منذ بداية انتفاضة الأقصى وأصيب العشرات. وكان أول هؤلاء الصحفيين الذين استهدفهم الإرهاب الصهيوني عزيز يوسف التنح سنة 2000 والصحفيان محمد البيشاوي وعثمان القطناني وغيرهم.

إن اغتيال شيرين أبو عاقلة على أبواب مخيم جنين يهدف عبثا إلى إسكات أي شاهد عيان ينقل حقيقة الجريمة التي ينفذها العدو ضد هذا المخيم الذي تحول الى غزة جديدة تؤرق جيش الاحتلال، لكن مثلما تحول استشهاد شيرين الى ملهم للشعب الفلسطيني وثورته تحول المخيم الى اسطورة بدأ يتساقط على عتباته ضباط العدو. فقد ظلت شيرين تنقل يوميا بمصدحها البسيط صحبة المصور البارع أنه لا مجال لاستمرار الاحتلال الصهيوني الاستيطاني وإبادة الشعب الفلسطيني وتهجيره مما أزعج الصهاينة فاغتالوها كما فعلوا قبل ذلك عندما اغتالوا الكاتب غسان كنفاني سنة 1972 والشاعر علي فودة سنة 1982 والرسام ناجي العلي سنة 1987 وغيرهم ممن أزعجوا الصهاينة بأقلامهم وأفكارهم بشكل لا يقل أهمية عن الأبطال الرافعين البندقية والمطلقين للصواريخ فلجأوا إلى تصفيتهم الجسدية معبرين بذلك على جبنهم وفشلهم ومقرين بضعفهم وبهزيمتهم.

ولعله من المفيد التذكير أن الكيان الغاصب الذي اغتال اليوم شيرين سبق أن اعتدى على بلدنا تونس يوم 1 أكتوبر 1985 في موقعة حمام الشط مخلفا عشرات الشهداء التونسيين والفلسطينيين. كما قام سنة 1988 باغتيال القائد خليل الوزير أبو جهاد بضاحية سيدي بوسعيد والمهندس محمد الزواري سنة 2016 بصفاقس إلى جانب المحاولات المتعددة للدر في قطار التطبيع في المجالات الاقتصادية والثقافية والرياضية والإعلامية مما يستوجب على الإعلام جعل مطلب تجريم التطبيع ضمن أولوياته. كما أن استهداف الصهاينة لتونس من ناحية وتصاعد مسار المقاومة على أرض فلسطين من ناحية أخرى يتطلب من على الصحافيين في تونس أن يتعاملوا مع قضية فلسطين وكأنهم في جنين أو القدس وذلك بإيلاء أهمية أكثر إلى مجريات الأحداث وعمق تاريخ الحق الفلسطيني وفضح جرائم الكيان الصهيوني من خلال تخصيص أركان قارة لفلسطين والاعتماد أساسا على مصادر وطنية وفي مقدمتها وكالات الأنباء العربية والفلسطينية والحذر مما تنشره الوكالات الغربية التي تمول أغلبها اللوبيات الصهيونية ومقاطعة الأحداث والتظاهرات التي تختفي وراء مناسبات دينية والكل يعلم أن المشاركين فيها قدموا من الكيان الصهيوني الذي اغتال شيرين. أما من حيث المضامين فيتجه العمل نحو تطوير الخطاب الصحفي واستعمال مصطلحات تنفي ” دولة إسرائيل’ وتسميتها دوما على حقيقتها كيانا صهيونيا مغتصبا وتجنب كلمة ” نزاع ” والحال أنه احتلال وعدوان أو توظيف الفعل المبني للمجهول كالقول ” استشهدت شيرين ” والصحيح أن نقول ” اغتال جيش العدو شيرين”.

إن انتصار الصحفيين لفلسطين ولزميلتهم شيرين لا يتم بالتمسك بما يسمى باطلا بالحياد وبالموضوعية الزائفة بل بالإعلام الوطني المنحاز لفلسطين ولقضيتها العادلة. 

بقلم: الحبيب السماوي – الشروق – 15 ماي 2022

اغتالوا شيرين فارتفع عاليا صوت فلسطين
أنشره
الموسومة على: