من منّا لا يذكر خطاب حمد بن جاسم سيء الذكر وزير خارجية قطر سابقا وهو يهدد الجزائر بسبب رفضها المصادقة على قرار طرد سورية من الجامعة سنة 2012 متوجها لمندوبها في الجامعة العربية بالقول: الدور القادم عليكم. ومنذ ذلك الوقت لم تنفك القوى الاستعمارية وحلفاؤها تسعى لاستنزاف الجزائر وعزلها وإسقاطها كدولة وطنية ثابتة على المبادئ ومناهضة للاستعمار بمحاولة بث سموم “الربيع العبري” إليها. وكانت آخر محاولاتها المراهنة على”الحراك” الذي انطلق في فيفري 2019 رفضا لترشيح بوتفليقة لولاية خامسة والمطالبة بإبعاد المنظومة الفاسدة عن الحكم لجر الجزائر في فصل جديد من التناحر الداخلي.
إلا أن القوى الوطنية في الجزائر وعلى رأسها الجيش الشعبي الوطني تمكنت من التقاط اللحظة التاريخية فحمت”الحراك” الشعبي دون إهراق قطرة دم واحدة وأحدثت تغييرا في السلطة مع المحافظة على الثوابت الوطنية وأطلقت خطة للمصالحة وإعادة البناء. وفي نفس الاتجاه دعا الرئيس عبد المجيد تبون إلى انتخابات تشريعية مبكرة ليقول الشعب كلمته بعد الانتخابات الرئاسية والاستفتاء على الدستور. لكن بعض القوى ومنها ما يسمى باليسار لم تلتقط الفرصة ودعت لمقاطعة الانتخابات حتى ظن البعض أن ذلك سيفتح الأبواب مشرعة لسيطرة الإخوان المسلمين الممثلين في “حركة مجتمع السلم” ( حمس) على البرلمان.
وفي الأخير كانت للشعب الجزائري كلمة الفصل فاختار في المرتبة الأولى جبهة التحرير الوطني الجزائرية التي حررت الوطن من الاستعمار الفرنسي البغيض وبنت الدولة الوطنية الحديثة حتى وإن شابت بناءها بعض النواقص. وبذلك أكدت نتائج الانتخابات التشريعية الجزائرية تواصل انحسار المد الإخواني في المنطقة بعد دحره في سورية ومصر وترنحه في مناطق أخرى مثل تونس بفضل وعي الشعوب ويقظة قواها الوطنية .