
بقلم د. بدر السماوي
صدر بجريدة الشروق في عددها بتاريخ 20 أوت 2021 ضمن الركن الأسبوعي ” نافذة على الوطن”
تزامن الحراك الشعبي يوم 25 جويلية 2021 ضد منظومة الحكم وما تلاه من قرارات رئاسية بتجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة على النواب وإعفاء رئيس الحكومة مع حدث رياضي لا يقل أهمية وهو إحراز البطل التونسي في السباحة أحمد أيوب الحفناوي ذي الثمانية عشر ربيعا الميدالية الذهبية في السباحة سباق 400 مترا خلال الألعاب الأولمبية بطوكيو. وقد مثل تتويج الحفناوي ورياضيين آخرين من تونس وما تبعه من فرحة لدى عموم التونسيين تعبيرا صادقا على حب الوطن وشعورا بنخوة الانتماء له ذلك أن رفع العلم التونسي يومها تحت أنظار العالم أجمع كان أفضل تعريف بهذه الأرض الطيبة وبرموزها وسير على خطى البطل الأسطورة محمد القمودي الذي شرف تونس بالإحراز على أول ميدالية أولمبية في تاريخها في سباق خمسة آلاف متر خلال دورة مكسيكو سنة 1968.
وفي نفس الأسبوع أطلق أشهر نجوم كرة القدم الجزائريون الذين يلعبون في أندية خارج الجزائر حملة لجمع تبرعات لتوفير أجهزة التنفس الاصطناعي وأسطوانات الأكسجين بهدف مساعدة مستشفيات بلادهم على مواجهة الموجة الجديدة من فيروس كورونا. ومن بين المشاركين في الحملة اللاعبون رياض محرز وإسماعيل بن ناصر وياسين إبراهيمي. ولم تكد تندلع حرائق الغابات في الجزائر والتي ذهب ضحيتها العشرات من الأشخاص حتى دعا نفس النجوم إلى حملة تضامن مماثلة مبرهنين على وقوفهم إلى جانب شعبهم وحبهم لوطنهم بقطع النظر عن المسافات التي تفصلهم عنه.
وشهدت الألعاب الأولمبية بطوكيو مقاطعة لاعبين عربا لمنافسات كان الطرف الثاني فيها جنودا صهاينة مرتدين أزياء لاعبين. فقد رفض لاعب الجيدو فتحي نورين من الجزائر ومحمد عبد الرسول من السودان منافسة لاعب صهيوني وكذلك كان موقف عبد الله منياتو من لبنان بمناسبة مشاركته في بطولة العالم في الفنون القتالية المختلطة المقامة في بلغاريا. وفي منتصف الشهر الماضي رفض اللاعب السابق للنادي الرياضي الصفاقسي والحالي لأيك أثينا اليوناني نسيم هنيد عرضا مغريا من فريق صهيوني. وبذلك أكد هؤلاء الأبطال أن الشعب العربي يواصل بكل فئاته رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني رغم اتفاقيات بعض الأنظمة مع الكيان المحتل بل إنه يشيد بمواقف هؤلاء الأبطال حيث استقبل الجزائريون ابنهم البار نورين بالهتافات والترحيب الحار مع رفع العلم الفلسطيني ومنحوه قلادة ذهبية وهو الذي دافع عن قناعة على قراره قائلا ” لا أريد ليديّ أن تتسخا”. أما مدرب منياتو فصرح ” واحد يقتل أهلي ويسرق بيتي ثم أقول له تعالى ألعب أنا واياك لأن هذه مجرد رياضة. شو هالكلام؟ هذا عدو صهيوني فليرحل عن أرضها“.
إن الفوز بميدالية أو التبرع بالمال أو مقاطعة الصهاينة في مباراة رياضية لا تقل أهمية عن طلب علم أو إتقان مهنة أو الانضمام إلى جيش البلاد للذود عنه. وقد اكتست مواقف هؤلاء الرياضيين بعدا أكثر رمزية هذه الأيام بصفتها ردا مباشرا على أولئك الذين ما انفكوا يشتغلون على نزع فكرة الانتماء للوطن وتعويضها بالانتماء للجماعة وهم الإخوان المسلمون الذين يرون الأوطان ” حفنة من تراب عفن ” والراية الوطنية “خرقة”. هذا وقد سعت حركة النهضة ممثلة الإخوان المسلمين في تونس إلى التغلغل خلال العشرية الأخيرة في المجال الرياضي لبث هذه الأفكار وللترويج للتطبيع مع الكيان الصهيوني وتندرج في هذا الإطار التعيينات في المناصب العليا للدولة مثل الوزيرين طارق ذياب وأحمد قعلول وابتزاز بعض المسؤولين على أندية رياضية ودعوة صهاينة للمشاركة في مباريات مثلما وقع في بطولة التكواندو. لذلك فإن الإشادة بالأبطال المذكورين وتكريمهم يمثل مساهمة في طي صفحة الإخوان في الوطن العربي وفي تونس حتى تقوم الرياضة بدورها في بناء جيل معتز بالانتماء لوطنه.
.