
عاش الرئيس الجزائري هواري بومدين ومعه كل الشعب الجزائري أحداث حرب أكتوبر بكل جوارحه كأنه يخوضها فعلا في الميدان. وقد صرح بومدين إثر الحرب أن “الجزائر أكدت أنها قامت بواجبها القومي رغم أننا يفصلنا على أرض المعركة أربعة آلاف كلم”. ولا شك أن الجزائريين يدينون بالعرفان إلى مصر في دعم ثورتهم منذ انطلاقتها عام 1954 حيث كانت مصر عبد الناصر أول من أرسل شحنة من السلاح كما تعهدت بالتدريبات العسكرية لجيش التحرير الوطني الجزائري.
أما بالنسبة للمشاركة الجزائرية في حرب أكتوبر فقد بدأت مبكرا حيث تم نقل عدد من القوات الجزائرية إلى الجبهة قبل اندلاع الحرب بأربع سنوات في خضم حرب الاستنزاف، وكان من بين القادة الرقيب في قوات الصاعقة بن مير قويدر، الذي يعود بالذاكرة إلى عام 1969 فيقول: “حين وصلتنا الأوامر رحلنا إلى وهران غربي الجزائر ثم إلى القاهرة جواً يوم 10 نوفمبر/تشرين الثاني 1969، وهناك انتظرنا غروب الشمس لننقل براً إلى البحيرة المرة قرب السويس، كنا لواءً كاملاً وزعت علينا المهام، وكان اللواء الجزائري مكلفاً بحراسة الرادارات والتدخل، وكان معنا مقاتلون فلسطينيون وسودانيون”.
كما تميزت مساهمة الجزائر بتوفير العتاد إلى مصر التي واجهت صعوبات في الحصول عليه من الاتحاد السوفياتي. وقد نجح بومدين في تزويد مصر بشحنات السلاح بعد أن طار إلى موسكو وتقابل مع بريجنيف الذي اشترط عليه أن تدفع القاهرة تكلفة السلاح قبل تسلمه، فلم يتردد بومدين في التوقيع على صك بمبلغ 200 مليون دولار فاضطر بريجنيف إلى الرضوخ إلى بومدين بعد أن استعمل معه هذا الأخير لغة التهديد قائلا له: “إن رفضتم بيعنا السلاح فسأعود إلى بلدي وسأوجه خطابا للرأي العام العربي أقول فيه بأن السوفييت رفضوا بيعنا السلاح في وقت تخوض فيه الجيوش العربية حربها المصيرية ضد العدوان الإسرائيلي المدعم من طرف الإمبريالية الأمريكية“.
ولم يغادر بومدين موسكو حتى تأكد من أن الشحنات الأولى من الدبابات قد توجهت فعلا إلى مصر. أما على المستوى البشري فتمثلت المشاركة الجزائرية في 2115 جنديا و 818 ضابط صف و192 ضابطا .
ومن بين مساهمات الجزائريين أنهم قاموا في اليوم الرابع من الحرب بطلاء الطائرات الجزائرية بلون الطائرات المصرية وتلقوا شروحا عن الوضع العسكري الميداني وكانت مهمتهم التوغل في خط بارليف لقصف معدات عسكرية وقواعد صاروخية للعدو كانت تنطلق منها الصواريخ. ويسجل التاريخ مشاركة أسماء قادة عسكريين كبار في تاريخ الجزائر من أبرزهم المرحوم الجنرال احمد قائد صالح القائد السابق للجيش الجزائري الذي انتقل إلى مصر منذ سنة 1968 في إطار حرب الاستنزاف.
كما نذكر اللواء سعيد شنقريحة الذي خلف قائد صالح على رأس الجيش الجزائري والذي سبق أن شارك هو أيضا في حرب أكتوبر.
أما بالنسبة للجبهة السورية فإن المعطيات لا تشير إلى أية مشاركة جزائرية ولا يعد ذلك موقفا في حد ذاته بل هو مجرد توزيع قوى. وباستثناء القوات المغربية فإن مشاركة بلدان شمال إفريقيا كانت في الجبهة المصرية بينما احتضنت الجبهة السورية قوات عراقية وأردنية. وقد صرح بومدين أنه “دون التحالف بين مصر وسوريا والثورة الفلسطينية نفتقد أهم ضمانات النصر”.
وأخيرا وفي مجال الحظر النفطي فقد كانت الجزائر وهي العضو البارز في منظمة الأوبك أهم البلدان التي فرضت خفض إنتاج النفط ورفع الأسعار من جانب واحد لعرقلة إمدادات الولايات المتحدة الأمريكية إلى الكيان الصهيوني.