القوات المغربية على الجبهة السورية تحرر جبل الشيخ

 

لم يكن وجود المغرب في أقصى الوطن العربي وبعده نسبيا على ساحة الصراع العربي الصهيوني حائلا دون مشاركته في حرب أكتوبر 1973 إلى جانب القوات المصرية والسورية بل إن مشاركته ارتقت دون مبالغة إلى مستوى دول المواجهة. ويعود السبب أساسا إلى عمق الانتماء العربي والإسلامي لدى أحفاد عبد الكريم الخطابي قائد ثورة الريف في المغرب سنة 1920 الذي أقام في القاهرة لفترة طويلة خلال أربعينات وخمسينات القرن الماضي وعايش أحداث النكبة وكانت له علاقة بالزعيم جمال عبد الناصر. كما سجل التاريخ حملات تضامنية في فلسطين مع ثورة الريف المغربي على شاكلة مظاهرات وجمع تبرعات قادتها رموز وطنية فلسطينية في تلك الفترة وفي مقدمتهم الشهيد عز الدين القسام. كما سجل التاريخ تطوع المغاربة للقتال في فلسطين عند اغتصابها عام 1948.

وتمثلت مشاركة القطر المغربي في حرب أكتوبر 1973 في إرسال الملك الحسن الثاني “تجريدة” من القوات المسلحة الملكية إلى الجولان تبلغ 6000 جندي مع عدة دبابات ومدفعية ومدرعات قتالية في إطار لواء مدرع كان الوحيد الذي امتلكه المغرب في ذاك الوقت. كما أرسل 5500 جنديا وسرب طائرات اف5 إلى الجبهة المصرية. وقد وصلت هذه القوات إلى الجبهة قبل بداية الحرب ببضعة أيام وكان يقودها الجنرال أحمد الصفريوي وهو اللواء الأكبر الذي كان يتوفر عليه المغرب حينها بشهادة الفريق سعد الدين الشادلي.

ولعبت القوات المغربية دورا حاسما خاصة على الجبهة السورية حيث حرّرت أجزاء هامة من هضبة الجولان مع وحدات عراقية ودخلت في حرب شوارع مع أقوى القوات الصهيونية حينها “غولاني” وحررت جبل الشيخ الإستراتيجيحيثتشابكت مع الجيش الصهيوني وألحقت به هزيمة نكراء أسقطت فيها صحبة مدافع عربية أخرى وخاصة منها العراقية عشرات الطائرات وأسرت مثلهم من الجنود الصهاينة ثم تمركزت في قمة الجبل وأنزلت العلم الصهيوني ورفعت العلم السوري.

 وقد استشهد ما يناهز 170 من بين الجنود والضباط المغاربة على ربى جبل الشيخ وفي “مجدل شمس” وفي محيط مدينة القنيطرة. وإلى اليوم هناك مقبرة كبيرة في ضواحي دمشق تضم رفات أولئك الجنود المغاربة الأبطال، بأسمائهم وصفاتهم ورتبهم. كما أن إحدى ساحات دمشق سميت باسم ” التجريدة المغربية ” تقديرا لدور مقاتليها الأشاوس. وكان ضمن الشهداء العقيد عبد القادر العلام. كما أصدرت الحكومة السورية عُملة كتب عليها “التجريدة المغربية” . ولا تزال النسوة في الجولان وفي مدينة القنيطرة إلى اليوم حين تردن أن تحكين لصغارهن عن معنى البطل الذي يجب الدخول بسرعة لأنه قادم في الشارع، فإنهن يقلن لهم في ما معناه: “ادخلوا أو سأنادي الجنود المغاربة” عنوانا على الرجولة والقوة والصلابة.

وعلى المستوى الشعبي في المغرب تم تنظيم حملات تبرع بالدم قبل الحرب وأثناءها وبعدها دشنها الملك المغربي الراحل شخصيا، وتم فتح مكاتب التطوع لتسجيل آلاف المتطوعين للذهاب إلى جبهة القتال، كما جمعت السلطات التبرعات من الأغنياء بالإضافة إلى اتخاذ قرار بإعطاء الزكاة لعائلات الذين استشهدوا بالجبهة.

لقد كانت التجريدة العسكرية المغربية مضربا للمثل في الشجاعة العسكرية وفي النزعة الوطنية في كل الجولان وسوريا وفلسطين. وكانت الآلة العسكرية الصهيونية تدرك قيمة اللواء العسكري المغربي للمدرعات وهو زبدة الجيش المغربي حينها فحاولت منذ بداية الحرب ومن خلال رمي منشورات من الجو باللغتين العربية والفرنسية ثني تلك القوات عن المشاركة في المعركة بدعوى أن القضية ليست قضيتهم وأن المغرب بعيد جغرافيا وليسوا في حالة حرب معهم. لكنها أخطأت العنوان وفشلت في مبتغاها.

القوات المغربية على الجبهة السورية تحرر جبل الشيخ
أنشره
الموسومة على: