
القيروان الشاهدة على عمق الحضارة وعاصمة الأغالبة وبلاد طبيب الفقراء ابن الجزار الذي عاش في القرن العاشر ميلادي تنبعث منها رائحة الموت بعد أن زحف عليها وباء الكورونا. وبذلك أصبحت تتصدر قائمة المناطق المنكوبة صحيا بعد أن ظلت لسنوات تتصدر أعلى الترتيب في نسب الفقر والفقر المدقع وتأتي في المرتبة قبل الأخيرة في التنمية. كما تحتل المرتبة الأولى في نسبة البطالة التي ارتفعت إلى أكثر من 17 بالمائة والمرتبة الأولى في ظاهرة الانتحار. يحدث كل هذا في ولاية تختزن ثروات فلاحية كبيرة وتقع في موقع استراتيجي وسط البلاد يمكنها من لعب دور تجاري.
ولئن برزت حدة الوضع الصحي والاجتماعي الكارثي في القيروان خلال الأسابيع الأخيرة مستوى غير مسبوق فإنها تعكس الوضع الاجتماعي العام في البلاد جراء سياسات حكومات الفشل وليدة منظومة حكم خربت البلاد على مدى عشرية كاملة. ومن آخر الإجراءات اللاشعبية التي أجهزت بها حكومة المشيشي ذات الوسادة الإخوانية على الشعب الترفيع في أسعار الشعير العلفي والماء والنقل وغيرها من المواد الأساسية. وعلاوة على ذلك تسعى الحكومة وحزامها السياسي بكل الطرق إلى المحافظة على مواقعها وتبرير سياستها وقمع كل نفس احتجاجي والادعاء في الآن نفسه بحرصها على ضمان حرية التعبير وحماية المسار الديمقراطي الذي لم يجن منه الشعب سوى الجوع والعطش والفقر.
أمام هذا الواقع المتأزم والذي يزداد خطورة لما له من انعكاسات سلبية تهدد مصير الشعب والبلاد يجب على كل القوى الوطنية أن تتحد لمجابهة منظومة الخراب وأن تدافع عن السيادة الوطنية وأن تحمل المسؤولية لأخطر طرف سياسي تسبب في هذا الوضع وهم الإخوان المسلمون وحلفاؤهم وأن تلتقي مع كل من يعاديهم. كما على المنظمات الوطنية وعلى رأسها الاتحاد العام التونسي للشغل القيام بدورها الوطني والاجتماعي المعهود في حماية شعبنا ومقدراته والحذر من السقوط في فخ إنقاذ المنظومة الفاشلة بأي شكل من الأشكال.