
تعيش البلاد منذ ما يقارب الشهرين على وقع التصدي لجائحة كورونا وما استوجبته من حجر صحي وتعطل وتيرة الحياة . وبقدر ما فجرت الأزمة الصحية طاقات الشعب وقيمه النبيلة من إبداع وتضامن بقدر ما عرت رداءة الطبقة السياسية الحاكمة وعداءها لشعبها وتبعيتها للدوائر الاستعمارية.
فقد بذلت عدة قطاعات مهنية جهدها وسخرت كفاءتها لمواجهة الوباء والحد من آثاره ونخص بالذكر القطاع الصحي والسلكين العسكري والأمني وعمال التنظيف بالبلديات وأعوان المؤسسات التي تسير مرفقا عموميا أساسيا. كما فتقت الأزمة طاقات الاختراع والإبداع فاكتشف الأطباء التسلسل الجيني للفيروس واخترع المهندسون آلات التنفس الاصطناعي وخاطت النساء الأقنعة. كما تطورت من جديد ثقافة التطوع لدى الشباب فأقدموا بكل تلقائية على خدمة غيرهم بإنجاز عمليات التعقيم وتوزيع الأقنعة وجمع التبرعات.
وفي المقابل أسقطت الكورونا ورقة التوت عن النظام القائم بكل مكوناته وكشفت أكثر من أي وقت مضى ارتباطه بالدوائر الاستعمارية وحرصه على خدمتها والانخراط في أحلاف عدوانية تستهدف جيراننا واستغلال الظرف لتمرير قوانين منتهكة للسيادة الوطنية وفتح هياكل الدولة ليتسرب لها الارهاب.
ولئن فرضت الاحتياطات الوقائية على جماهير الشعب هدنة مؤقتة مع النظام إلا أنها بدأـت تفقد صبرها فانطلقت في سلسلة من الاحتجاجات في عدة جهات بدأها المحرومون من المساعدات الاجتماعية وانضمت لها فئات أخرى مثل العمال والفلاحين والعاملين في قطاع النقل الخاص ويمكن أن تلتحق بها فئات أخرى بما في ذلك الطبقات المتوسطة غير عابئة بالتحذيرات الصحية وهي مكرهة لا بطلة.