المرأة التونسية في عيدها: رحلة طويلة بين المدّ والجزر 

صوت الوطن : العدد 68 – 01 أوت 2023

”المرأة نصف المجتمع“، “المساواة بين الرجل والمرأة” و”وقف العنف ضد المرأة” شعارات يكثر ترديدها حين يحل عيد المرأة في تونس في 13 أوت من كل سنة والذي يؤرخ لصدور مجلة الأحوال الشخصية سنة 1956،  فما هو واقع المرأة في تونس اليوم وما مدى تطابق الواقع مع التشريعات ومع الشعارات ؟

ربيع الخراب: جنى على المرأة

ما أن استولت حركة النهضة على الحكم حتى انفلتت جيوب الردّة من عقالها تطالب بمراجعة مجلة الأحوال الشخصية وفُتّحت أبواب البلاد لاستقبال دعاة التكفير والفتنة هذا يحاضر حول “المرأة عوْرة” والآخر يدعو لـ“ختان البنات” وتعهدت ما يسمى بروابط حماية الثورة بدور شرطة “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” ليتم الاعتداء على غير المحجَّبات وأطلقت حركة النهضة حملتها الشهيرة “حجابك عفافك” لتعتبر كل امرأة غير محجَّبة غير عفيفة. ثم حاولت حركة النهضة سنة 2013 تمرير فصل في الدستور يعتبر “المرأة مكمِّلة للرجل”. وكان نصيب المرأة في حملة تسفير الشباب إلى سوريا إرسالها لممارسة “جهاد النكاح”. وفي البرلمان كانت المزايدة باعتماد التناصف في الانتخابات الذي تحوَّل إلى مهزلة وإهانة للمرأة. ثم مارس نواب النهضة وحلفاؤها في البرلمان المنحل رجالا ونساء العنف ضد المرأة التي تخالفهم الرأي.

أما على المستوى الاجتماعي فكانت نسبة البطالة بين الإناث أرفع من نسبتها لدى الذكور وتفاقمت حوادث المرور القاتلة التي ذهبت ضحيتها مئات العاملات الفلاحيات وبرزت ظاهرة  هجرة النساء بطريقة غير قانونية وتعددت حالات الاعتداء على النساء إلى حد القتل وخاصة على يدي أزواجهن. 

واتفقت الأحزاب التي شكلت تحالفا خلال العشرية الأخيرة على مغالطة المرأة وذلك بإصدار قوانين تدعي الدفاع عنها دون أن تتجاوز نشرها في الرائد الرسمي. ومن بين هذه القوانين قانون القضاء على العنف ضد المرأة الصادر في أوت 2017 إرضاء للدوائر العالمية وقانون إحداث صنف نقل العملة الفلاحيين الصادر في جوان 2019 من أجل امتصاص ردود الفعل الغاضبة إثر حوادث نقل العاملات الفلاحيات وقانون تنظيم العمل المنزلي الصادر في جويلية 2021 الهادف أساسا إلى تسوية وضعية المُعِينات المنزليات الأجنبيات والمقصود بهن المهاجرات من جنوب الصحراء الإفريقية وذلك استجابة لضغوطات خارجية.

25  جويلية وعودة المدّ 

شاركت المرأة بصفة مكثفة في حراك 25 جويلية الذي أنقذ البلاد والعباد من الفوضى والخراب فجاء دستور السيادة الوطنية ليؤكد على التزام الدولة بحماية الحقوق المكتسبة للمرأة والعمل على دعمها وتطويرها. كما تعهد بأن تضمن الدولة تكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة في تحمل مختلف المسؤوليات وفي جميع المجالات والسعي إلى تحقيق التّناصف بين المرأة والرجل في المجالس المنتخبة مع اتخاذ التّدابير الكفيلة بالقضاء على العنف ضد المرأة. وقد كرّس رئيس الجمهورية تكريم المرأة بتعيين امرأة رئيسة حكومة لأول مرة في تاريخ البلاد إلى جانب تشكيل حكومة يقترب عدد النساء فيها من النصف.

وسعيا إلى تكريس هذا المدّ ضمن مسار 25 جويلية لا بد من اتخاذ عدة إجراءات على غرار تحقيق المساواة في الأجر بين الرجل والمرأة مقابل نفس العمل وتحسين عطلة الأمومة مع إقرار المساواة في مدتها ومبلغها بين المرأة العاملة في القطاع العمومي وتلك العاملة في القطاع الخاص والتصدي للعنف الذي تتعرض له المرأة في مختلف المجالات مع الابتعاد عن المزايدات اللفظية حول المساواة المطلقة التي يقابلها العكس في التطبيق.

المرأة التونسية في عيدها: رحلة طويلة بين المدّ والجزر 
أنشره