
بقلم د. بدر السماوي – الشروق : 22 افريل 2022 – ” نافذة على الوطن”
أحدث المرسوم المؤرخ في 9 افريل 2022 مؤسسة ” فداء” للإحاطة بفئتين أولهما ضحايا الاعتداءات الإرهابية من العسكريين وأعوان الأمن الداخلي والديوانة وثانيهما أولو الحق من شهداء الثورة وجرحاها. ومن أهم ما ورد في المرسوم إسداء منافع اجتماعية مثل الإحاطة الصحية والجرايات والتي من بينها ما هو مشترك بين الفئتين ومن بينها ما كان مختلفا.
ففي مجال الإحاطة الصحية ينتفع المصاب من ضحايا الاعتداءات الإرهابية من العسكريين وأعوان قوات الأمن الداخلي والديوانة بمجانية التداوي بالهياكل الصحية العمومية والعسكرية وتلك التابعة لقوات الأمن الداخلي والديوانة. ويتمتع أيضا المصاب الذي تستدعي حالته الصحية العلاج بالخارج بالتكفل بمصاريف العلاج والتنقل والإقامة وإعاشة المرافق بالخارج. وفيما يخصّ أولي الحق من شهداء الثورة وجرحاها فيتمتعون بالعلاج المجاني بالهياكل الصحية العمومية بما في ذلك المستشفيات العسكرية ومستشفى قوات الأمن الداخلي كما يتم التكفل بمصاريف علاج الجرحى بالمؤسسات الصحية الخاصة أو خارج الوطن عندما تستوجب الحالة الصحية ذلك. وهكذا فإن المنافع الصحية المسندة إلى الفئتين متشابهة.
أما في مجال الجرايات والتعويضات المالية فيُصرف للمصاب من ضحايا العمليات الإرهابية مبلغٌ مالي وفق جدول مرجعي يراعي نسبة السقوط وطبيعة الإصابة. وفيما يتعلق بالتعويضات المالية الناتجة عن إصابات نتجت عنها الوفاة أو أضرار بدنية بسبب اعتداءات إرهابية ينتفع أولو الحق من الأعوان الشهداء بملغ مالي يصل إلى 100 ألف دينار يصرف دفعة واحدة ويوزع على والديْ الشهيد وقرينه وأبنائه. كما تُصرف لعائلات شهداء الاعتداءات الإرهابية من العسكريين وأعوان قوات الأمن الداخلي والديوانة جراية الباقين على قيد الحياة بما يعادل كامل المرتب الشهري الذي كان يتقاضاه شهيد الوطن في سلكه الأصلي كما لو كان على قيد الحياة. وحيث نص المرسوم على مواصلة تمكين الشهيد من التدرج والترقية كما لو كان على قيد الحياة فإن الجراية تتطور بتطور المسار المهني للشهيد. وبذلك تعتبر المنافع المذكورة أفضل مما توفره أنظمة الجرايات التابعة للصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية سواء من حيث كيفية احتساب الجراية أو طريقة التعديل الآلي.
وتُسند للجريح من بين جرحى الثورة المصاب بسقوطٍ جرايةٌ شهرية تتراوح بين مرة وثلاث مرات الأجر الأدنى حسب نسبة الضرر بينما تسند لأولي الحق من شهداء الثورة جراية شهرية يساوي مبلغها ثلاث مرات الأجر الأدنى. ويقع في الحالتين اعتماد الأجر الأدنى المهني المضمون لمختلف المهن في القطاعات غير الفلاحية الخاضعة لمجلة الشغل نظام 40 ساعة في الأسبوع. وتتم مراجعة الجرايات الشهرية المخولة لفائدة جرحى الثورة المصابين بعجز بدني مستمر ولفائدة أولي الحق من شهدائها كلما تمت مراجعة مبلغ الأجر الأدنى المذكور وذلك على غرار طريقة التعديل الآلي للجرايات المعمول بها في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
والخلاصة أن المنافع الاجتماعية التي وردت في المرسوم المتعلق بإحداث مؤسسة ” فداء” ترتقي إلى مستوى التضحيات التي قدمها المتضررون سواء من الفئة الأولى أو من الفئة الثانية بما يجعلها تساهم نسبيا في تضميد الجراح. ويعود الفضل في ذلك إلى السلطة التي انبثقت عن 25 جويلية 2021 بعد أن يئست عائلات شهداء الثورة وجرحاها من وعود أكثر المدعين الدفاع عن الثورة وبعد أن أيقن ضحايا العمليات الإرهابية سواء من عائلات الشهداء أو من المصابين أن حقوقهم لا يمكن أن الدواء لا يمكن أن يكون على يدي من كان سببا في الداء. غير أن المرسوم أقصى بطريقة غريبة ضحايا العمليات الإرهابية من المدنيين الذين استشهد بعضهم وأصيب البعض الآخر ونذكر على سبيل المثال ضحايا ملحمة بنقردان الذين تصدوا للإرهاب جنبا إلى جنب مع الأمنيين والعسكريين والرعاة الذين ذبح بعضهم مثلما ذبح جنودنا. وعسى أن يتم تدارك هذه الثغرة وإنصاف الضحايا المدنيين قبل إصدار الأوامر الترتيبية للمرسوم.