المنتفعون بجرايات في القطاع العمومي وقصتهم مع الرقم 37

كان الفصل 37 من قانون الجرايات في القطاع العمومي وراء احتجاجات المنتفعين بجرايات من الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية بسبب النقص الذي حصل لهم في شهر جانفي 2022 والناتج عن التعديل الآلي بعنوان الزيادات في الأجور التي تم إقرارها بداية من شهر جانفي 2019. وقد قرر رئيس الجمهورية إثر ذلك تعليق الاقتطاع من الجرايات بصفة استثنائية وصرف الجرايات كالمعتاد ابتداء من شهر فيفري 2022. والحقيقة أن التخفيض في الجرايات كان منتظرا مثلما ورد في بلاغ الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية فضلا على أن مثل هذه التخفيضات ليست الأولى من نوعها.

فقد نص الفصل 37 من القانون عدد 12 لسنة 1985 المتعلق بنظام الجرايات في القطاع العمومي على أن كل زيادة في الجراية تخضع للخصم بعنوان نظام التقاعد طبقا للنسبة التي يساهم بها العون المباشر وذلك منذ انتفاعه بها وحتى انتفاء شرط الحصول عليها سواء من قبله أو من قبل الباقين بعد وفاته.

كما يساهم المشغل بعنوان هذه الزيادة خلال السنوات الثلاث الموالية لإقرارها ثم يحلّ محله المنتفع بالجراية ليتحمل مساهماته ومساهمات المشغل بداية من الشهر رقم 37 الذي يلي إقرارها. لكن ما أفاض الكأس هذه المرة أي في شهر جانفي 2022 انخفاض مبالغ الجرايات بصفة كبيرة بسبب ارتفاع نسب الاقتطاع التي أصبحت تبلغ 23,7 بالمائة بمقتضى القانون عدد 37 لسنة 2019 عوض 20.7 بالمائة بعد الترفيع في نسبة مساهمة المشغل التي أصبحت 14,5 بالمائة عوض 12,5 بالمائة فضلا على ارتفاع مساهمة المنتفع التي أصبحت 9,2 بالمائة عوض 8.2 بالمائة.

وحيث أن آخر زيادة في الأجور في الوظيفة العمومية كانت بمفعول غرة جانفي 2019 فقد حل أجل اقتطاع مساهمة المشغل من الجرايات بداية من الشهر 37 أي في جانفي 2022. ومما ساهم أيضا في حدة ردود الفعل عدم إقرار زيادة في الجرايات بعنوان سنة 2022 بسبب عدم حصول زيادات للمباشرين مثلما جرت عليه العادة. ورغم كل السلبيات التي يحتوي عليها الفصل 37 فقد راجت في السنوات الأخيرة على صفحات التواصل الاجتماعي عرائض تطالب بالتمسك به دون إدراك ما ينطوي عليه من أضرار وكان أغلب الممضين على العريضة متقاعدون من الإطارات العليا السابقين في الدولة.

ولئن لم يتضح إلى حد الآن كيف ستتعامل السلطة مع هذه الوضعية فإن المقترح بصفة عاجلة إلغاء التنقيح الصادر بمقتضى قانون المالية لسنة 2001 والمتعلق بتحميل المنتفع بجراية دفع مساهماته طيلة مدة صرف الجراية وإلغاء التنقيح الصادر بمقتضى القانون عدد 43 لسنة 2007 الذي ينص على تحميل المنتفع بجراية مساهمات المشغل باعتبار أنها بدعة لا توجد في أي بلاد من العالم. وهكذا تمتد مساهمة كل من المشغل والمنتفع بجراية على مدى ثلاث سنوات مثلما ورد في القانون الأصلي لسنة 1985.

ولعله من المفيد بهذه المناسبة فتح ملف التعديل الآلي برمته والنظر في مدى صحة مواصلة اعتماد الصيغة الحالية سواء في مستوى طريقة تعديل الجراية أو الخصم منها ذلك أنها لا تخلو من سلبيات من بينها عدم ضمان حصول زيادات دورية في مرتبات الوظيفة العمومية بما ينعكس مباشرة على مستوى مبالغ الجرايات. وقد يكون من الأجدى البحث على طرق أفضل للتعديل استئناسا بالقانون المقارن بهدف المحافظة على قيمة الجراية الحقيقية ومواكبتها لنسب التضخم. تلك هي قصة الرقم 37 مع المنتفعين بجرايات في القطاع العمومي فقد حمل الفصل المتعلق بالتعديل الآلي الرقم 37 ويبدأ تطبيق الحجز من الجراية بعنوان مساهمة المشغل في الشهر رقم 37 وكذلك يحمل القانون الذي زاد في نسب المساهمات سنة 2019 رقم 37 وأخيرا فإن عدد المنتفعين بجراية بلغ خلال السنة الماضية 270 ألف متقاعد و90 ألف أرامل و10 آلاف أيتام بما مجموعه 370 ألفا.

بقلم د. بدر السماوي – الشروق : ” نافذة على الوطن” – 4 فيفري 2022

المنتفعون بجرايات في القطاع العمومي وقصتهم مع الرقم 37
أنشره