
يطالب العديد من الأولياء منذ سنوات بالترفيع في مبالغ المنح العائلية التي ظلت على حالها على مدى أكثر من ثلاثة عقود رغم الارتفاع المتواصل والجنوني في الأسعار. ويعود المبلغ الحالي للمنح العائلية إلى سنة 1988 بالنسبة للمنخرطين في بعض الأنظمة التابعة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وهي نظام الأجراء في القطاع غير الفلاحي ونظام القطاع الفلاحي المنظم ونظام الطلبة. وقد حدد المبلغ آنذاك ب 7320 مليما للطفل الأول وب6507 مليما للطفل الثاني وب 5693 للطفل الثالث وذلك في الشهر الواحد. وإذا أردنا احتساب ما يجب أن تكون عليه المنحة اليوم بطريقة موضوعية يمكن تطبيق ” قاعدة الثلاثة ” اعتمادا على تطور مبالغ الأجر الأدنى المهني المضمون- نظام 48 ساعة- منذ آخر ترفيع إلى اليوم. فقد كان الأجر الأدنى في شهر ماي سنة 1988 يبلغ 110 دينار و32 مليما وارتفع إلى 429 دينارا و 312 مليما بداية من شهر أكتوبر 2020. فإذا اعتمدنا على سبيل المثال مبلغ المنحة المسندة إلى الطفل الأول وبالنظر إلى الترفيع في الأجر الأدنى المذكور فإن المنحة لا يمكن أن تقل عن 28 دينارا و560 مليما.
وتسند إلى جانب المنح العائلية منحة بعنوان الأطفال في الكفالة وبنفس الشروط تسمى الزيادة عن الأجر الوحيد والتي كانت تسمى منحة المرأة في البيت. ولم تشهد هذه المنحة أي ترفيع منذ إقرارها لأول مرة في ماي سنة 1980 لفائدة الأجراء في القطاع غير الفلاحي المنخرطين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي حيث تبلغ 3125 مليما للعائلة التي لها طفل واحد و6250 مليما للعائلة التي لها طفلان و7825 مليما للعائلة التي لها ثلاثة أطفال أو أكثر. وبالنظر إلى أن الأجر الأدنى المهني المضمون في الشهر- نظام 48 ساعة- ارتفع من 54 دينارا و704 سنة 1980 إلى 429 دينارا و312 مليما اليوم فإن مبلغ المنحة للعائلة التي لها طفل واحد يجب أن لا يقل عن 24 دينارا و524 مليما.
ورغم أن مبالغ المنافع العائلية أي المنح العائلية والزيادة عن الأجر الوحيد موحدة بين القطاعين العمومي والخاص إلاّ أني تعمدت دراسة وضعية المضمونين الاجتماعيين التابعين للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي للاعتماد على نسب تطور الأجر الأدنى المهني المضمون خلافا لمرتبات الأعوان العموميين التي تختلف الزيادات فيها من قطاع إلى قطاع آخر. كما أردت إبراز الفوارق بين المنخرطين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي حيث لا ينتفع بالمنافع العائلية المنتمون إلى نظام الأجراء في القطاع الفلاحي ونظام العملة غير الأجراء في القطاعين الفلاحي وغير الفلاحي ونظام العملة ذوو الدخل المحدود ونظام الفنانين والمثقفين والمبدعين ولا ينتفع بالزيادة عن الأجر الوحيد المنتمون إلى نظام القطاع الفلاحي المنظم.
إن موضوع المنافع العائلية يجب أن لا يقتصر على الترفيع فيها بل يجب أن يتضمن تعميمها على كافة المضمونين الاجتماعيين المنخرطين في الصناديق الاجتماعية مهما كانت صفتهم ومهما كان القطاع الذي ينتمون له فضلا على أرباب العائلات غير المنخرطين في الصناديق في إطار المساواة بين الأطفال. كما يجب الاهتمام بتحسين المنافع الصحية والاجتماعية المسداة إلى الأطفال مثل التكفل بمصاريف النظارات الطبية وتقويم النطق وتقويم السمع وتأهيل الأطفال المعوقين ونفقات رعاية الأطفال بالمحاضن والإعانة عند مشاركة الأطفال في المصائف. ويمكن تقديم مساعدات عينية أخرى مثل الأدوات المدرسية. أما فيما يخص الترفيع في المنافع العائلية فمن الأجدر ربطها بالزيادة في الأجر الأدنى على غرار ما هو معمول به في منافع أخرى مثل الجرايات ومنح المرض والوضع والوفاة وغيرها. ويجدر أيضا إسناد الزيادة عن الأجر الوحيد إلى العائلة التي ليس لها أطفال طالما لها دخل واحد.
صدر بجريدة الشروق بتاريخ 24 سبتمبر 2021 ضمن الركن الأسبوعي ” نافذة على الوطن”
بقلم د. بدر السماوي