الهجرة غير الشرعية: المقاربة التونسية تفرض نفسها

بينت الزيارات المتتالية والعديدة لقادة أوربيين إلى تونس خلال الفترة القليلة الماضية الإقرار بالموقع المتميز للبلاد التونسية، وبمكانتها شريكا استراتيجيا وبوابة للقارّة الأفريقية، كما بينت أن حل مشكل الهجرة غير الشرعية وفقا للمقاربات التقليدية القائمة على الردع والزجر أضحى في غير محله، ويستدعي مراجعات جوهرية لإرساء شراكةٍ منصفةٍ وعادلة بين الطرفين. وأعادت المواقف الجريئة لتونس الثقة لقيادتها بالدفاع عن مصالحها المشروعة وتبنّي مقاربة جديدة تتجاوز نظرة أوروبا بجعل تونس حارسا لحدودها.

وذهبت تصريحات الرئيس قيس سعيد في هذا الاتجاه عندما توجه يوم 14 جوان 2023 إلى رئيس المجلس الأوروبي بالقول أنه لا يمكن مقاربة ظاهرة الهجرة التي توصف بأنها غير نظامية إلا بصفة جماعية تقضي على الأسباب ولا تقتصر على معالجة النتائج كاشفا أنّ هناك جماعات إجرامية تتاجر بالبشر في الدول التي ينطلق منها المهاجرون أو في الدول التي يتجهون إليها في أوروبا مختتما بأن تونس ترفض أن تكون بلاد توطين.

وقد أخِذت مواقف القيادة السياسية التونسية بعين الاعتبار التطورات الدولية المتميزة ببروز ملامح نظام عالمي جديد قائم على تعدّد الأقطاب وعلى تنوعها وبدء الإيذان بتزعزع أسس المركزية الأوروبية وتهاوي منظومتها القائمة على نهب ثروات البلدان الإفريقية وتفقيرها مما ساهم في تأجيج نيران الهجرة وقوارب الموت، وقد آن الأوان لإماطة اللثام عن انتهازية أوروبا ونفاقها التي لطالما تشدّقت بحماية حقوق الإنسان بينما تقوم هي نفسها بانتهاكها وآخر مثال على ذلك جريمة قتل الشرطة الفرنسية للشاب نايل ذي الأصول الجزائرية.

إنها فرصة تاريخية لتكون تونس وراء مراجعة جذرية لنوعية العلاقة بين الاتحاد الأوربي والبلدان الإفريقية تضمن حقّ شعوب بلدان الضفة الجنوبية في التنمية وتوفر لها الحدّ الأدنى من العيش الكريم والحقوق الأساسية. وهو ما يتطابق مع ما طالب به الرئيس قيس سعيد في قمة باريس “من أجل عقد مالي جديد” التي انعقدت نهاية شهر جوان عندما قال: “لا يمكن الذهاب لعالم أفضل عبر التفكير بروح الكبير والصغير… نحن لسنا صغارا… يجب اعتماد ميثاق جديد في مجال المال بعيدا عن مبادئ الحرب العالمية الثانية”.

هذه هي المقاربة التونسية الجديدة التي ستفرض نفسها رغم كل الضغوطات الخارجية وحملات التشكيك والإحباط الداخلية.

الهجرة غير الشرعية: المقاربة التونسية تفرض نفسها
أنشره
الموسومة على: