صوت الوطن – العدد (73) – جانفي 2024
لم يكن البعض يهتم بالمخاض الذي يحدث في اليمن كما قد يكون لم يتبيّن سرّ العدوان الأمريكي على اليمن طيلة سنوات بأدوات سعودية وإماراتية خاصة عندما يترافق مع حملات التشويه والكذب واللعب على الطائفية (سنة/شيعة) الخ.. حتى استيقظ الجميع ذات يوم 7 أكتوبر 2023 على عمل إعجازي للمقاومة الفلسطينية قادته كتائب القسام.
ومنذ تلك اللحظة انجلى الوضع على حالة فرز سيسجلها التاريخ بأحرف من نور. وتبيّن أن محور المقاومة هو واقع ميداني دشنه مجاهدو حزب الله في الجبهة اللبنانية وامتد إلى الجبهة العراقية والسورية. ثم كانت المفاجأة من اليمن الأبيّ حين تهاطلت الصواريخ والطائرات المسيّرة على مدينة “إيلات” (أم الرشراش المحتلة)، مما تطلب من الدول المجاورة التجند لاعتراضها خدمة للعدو. وبعد ذلك أقدمت القوات المسلحة اليمنية على منع مرور السفن التي لها علاقة بالكيان الصهيوني من مضيق باب المندب نحو البحر الأحمر. وحين حاولت بعض السفن التلاعب والتمويه والتسلل قصفها الأبطال اليمنيون وأشعلوا فيها النيران وسيطروا على بعضها واقتادوها إلى الموانئ اليمنية متسببين في شل ميناء إيلات وتعميق أزمة الكيان الصهيوني ورفع أسعار النقل البحري والتأمين بشكل مرهق للصهاينة مما دفع الاستعمار الأمريكي للتلويح بتشكيل حلف بحري ضد اليمن الذي لم يأبه بالتهديدات الأمريكية ولم ترعبه أساطيلها وواصل تحديه.
هذا وقد شهدت اليمن مسيرات مليونية أسبوعية منذ 7 أكتوبر دون توقف وتحولت المظاهرات إلى حملات تطوٌع وتدريب وتخريج دورات لآلاف المقاتلين باسم “طوفان الأقصى” وتنظيم استعراضات تعبّر عن الاستعداد للقتال نصرة لغزة والأقصى وفلسطين، مردٌدين شعارهم الشهير ”الموت لأمريكا، الموت ل”إسرائيل“.
لقد أثبت اليمن أنه أصل العروبة عن جدارة وأنه مؤتمن على فلسطين لن يفرٌط فيها ولن يتركها في الميدان وحدها تُذبح وتُدمٌر، وأن أي استهداف لليمن هو استهداف للعروبة ولمحور المقاومة وللقضية الفلسطينية. كما أثبت اليمن أنه نموذج العزٌة والأنفة والكرامة والوطنية وأن بُعده الجغرافي عن فلسطين بأكثر من ألفي كلم لم تمنع شعبه الأبيٌ من أن يجعل بلده دولة مواجهة تلتحم فيه القيادة بالشعب الثائر مجسدا أحسن تجسيد شعار قومية المعركة من أجل تحرير فلسطين .