بقلم د.بدر السماوي-جريدة الشعب-11 جانفي 2024
مثل اليمن في الأسابيع الأخيرة مفاجأة سارة انطلق منها طوفان آخر أصبح خير داعم لطوفان الأقصى بما قام به من أعمال بطولية سواء بقصف الكيان الصهيوني الذي يبعد عنه بمسافة 2200 كلم أو باعتراض سفن الشحن العابرة للبحر الأحمر والمتجهة نحو الكيان الغاصب.
سر التسمية
تعود سر تسمية ” اليمن السعيد” إلى القائد الأسكندر المقدوني الذي أطلق هذا الاسم على اليمن لأنه فشل وعجز ويئس من غزوها، وكان الرومان يسمونها (العربية السعيدة). ويقول أحد المؤرخين «كل شيء حتى ذلك الوقت كان يدل على أن أرض اليمن تهاون الكثيرون في اكتشافها لأول مرة في تاريخها هي حقاً أرض السعادة على وجه الأرض”. كما يرى آخرون أن اليمن سميت بالسعيد لأنها كانت البلد الغني الوحيد، وهي بجانب هذه السعادة أرض الأحلام والآمال والطموحات والشعر والأدب والرومانسية والحضارة والتراث والتاريخ المجيد.
طوفان اليمن وطوفان الأقصى
لم يكن الكثير يهتم بالمخاض الذي حدث في اليمن في السنوات الأخيرة كما لم يكن يفهم سرّ العدوان الأمريكي على اليمن بأدوات سعودية وإماراتية. وترافق ذلك مع حملات التشويه والكذب واللعب على الطائفية (سنة/شيعة). لكن الجميع استيقظ، ذات يوم 7 أكتوبر 2023 على عمل إعجازي للمقاومة الفلسطينية قادته كتائب القسام. وانجلى الوضع على حالة فرز سيسجلها التاريخ بأحرف من نور. وتبين أن ما كان يُقال عن محور المقاومة حقيقة ميدانية دشنتها المقاومة الإسلامية في الجبهة اللبنانية وامتدت إلى الجبهتين العراقية والسورية . وكانت المفاجأة من اليمن الأبيّ ، حيث تهاطلت الصواريخ والطائرات المسيرة على مدينة “إيلات” (أم الرشراش المحتلة) ، مما تطلب من كل الدول المجاورة التجند لاعتراضها خدمة للعدو الصهيوني. ثم طوّرت القوات المسلحة اليمنية عملها لمنع مرور كل السفن التي لها علاقة بالكيان الصهيوني من مضيق باب المندب نحو البحر الأحمر.
فشل الخطط الاستعمارية
حاولت بعض السفن التلاعب والتمويه والتسلل فقامت القوات اليمنية بقصفها وإشعال النيران فيها والسيطرة على بعضها واقتيادها للموانئ اليمنية ، مما أصاب ميناء إيلات بالشلل التام ورفٌع من أسعار النقل البحري والتأمين بشكل مرهق للصهاينة مما دفع بالاستعمار الأمريكي إلى التلويح بتشكيل حلف سمي باطلا بـ ” حارس الازدهار” أي حارس الكيان الصهيوني وشتان ما بين الازدهار والكيان الهمجي. لكن هذه الخطة التي تجند لها وزير العدوان الأمريكي ” أوستن” فشلت ولم تتمكن أمريكا من إقناع أي دولة للانضمام بما فيها بعض أعضاء الحلف الأطلسي مثلما فشل وزير الخارجية الأمريكي بلينكن في زيارته الأسبوع الماضي إلى المنطقة في إنقاذ الكيان الصهيوني أو تغيير ميزان القوى أو السيطرة على البحر الأحمر.
وتتواصل حتى اليوم على أرض الميدان سيطرة القوات اليمنية على المعبر واعتراضها للقوى المعادية مما تسبب في تحويل وجهات عدة سفن بما يعني ارتفاع كلفة البضائع المنقولة بل إن بعض الشركات المختصة في الشحن أعلنت أنها أصبحت تتجنب المرور من باب المندب وتبحر عبر رأس الرجاء الصالح.
اليمن أصل العروبة
شهدت اليمن مسيرات مليونية أسبوعية منذ 7 أكتوبر وتحولت المظاهرات إلى حملات تطوٌع وتدريب وتخريج دورات لآلاف المقاتلين باسم “طوفان الأقصى” كما انتظمت استعراضات تعبر عن الاستعداد للقتال نصرة لغزة والأقصى وفلسطين ، وتخللتها ترديد الشعار الشهير “الموت لأمريكا الموت ل”اسرائيل” .
لقد أثبت اليمن أنه أصل العروبة عن جدارة وأنه مؤتمن على فلسطين ولن يفرٌط فيها ولن يتركها في الميدان وحدها تُذبح وتُدمٌر. وبين أن كل استهداف لليمن هو استهداف للعروبة ولمحور المقاومة وللقضية الفلسطينية . كما أثبت من ناحية أخرى أنه نموذج العزٌة والأنفة والكرامة والوطنية وأن مسافة آلاف الكلمترات لم تمنع هذا الشعب الأبيٌ من أن يجعل بلده بلد مواجهة موجعة للعدو.
وهكذا أصبحت سعادة اليمن اليوم تتجسد في مقاومته وهي تذود عن حمى فلسطين بالكفاح المسلح وبالحصار الاقتصادي مما يعطي نموذجا حيا على قومية المعركة التي وضع أسسها الزعيم جمال عبد الناصر وواصل على دربها الشهيدان صدام حسين ومعمر القذافي.
من هم أنصار الله أو الحوثيون في اليمن
انطلقت حركة أنصار الله سنة 1992 من منطقة صعدة باليمن المهمٌشة . وشهدت علاقتهم بالسلطة تقلبات وصلت إلى حدٌ العمل المسلح حتى عام 2010 . ساهم أنصار الله في تحركات 2011 التي أدٌت إلى استقالة الرئيس علي عبد الله صالح . ولكن محاولات الأخوان تحويل التغيير لصالحهم ومحاولتهم اكتساح صعدة عسكريا أدٌى إلى رد قوي من أنصار الله وشنٌ هجوم مضاد مكٌنهم من السيطرة على العاصمة صنعاء ونصف اليمن . فقررت الولايات المتحدة شنٌ حرب بالوكالة ضد اليمن ، نفٌذتها السعودية والإمارات مُنيت بالفشل الذريع وانتهت بهدنة مطوٌلة كان أثناءها أنصار الله يشيّدون قوة للدفاع عن اليمن ولخدمة الأمة تجسدت عمليا في معركة طوفان الأقصى ، حيث تحول اليمن إلى أحد أركان محور المقاومة