تقدمت مسيرة إجراء الانتخابات التشريعية خطوات هامة بعد الانتهاء من تقديم 1429 مترشحا مطالب ترشحهم وتوصّلهم إلى جمع التزكيات وتحدّي الصعوبات بمختلف أشكالها على أن تنطلق في نهاية شهر نوفمبر الحملة الانتخابية. ولئن حصلت بعض التجاوزات مثل شبهات شراء التزكيات أو استعمال النفوذ الإداري أو السقوط في فتنة النزعات القبلية فإنها تبقى شأنا داخليا يهم التونسيين دون سواهم. لكن يبدو أن بعض القوى الخارجية ما زالت تحن إلى عهد الاستعمار والوصاية فتتجرأ على التدخل في شؤوننا الداخلية مُدّعية حرصها على تعليمنا قواعد الديمقراطية مستعملة التهديدات والإغراءات أحيانا ومُحرّكة بيادقها أحيانا أخرى.
فقد وصلت الوقاحة بنائب وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان إلى الاتصال رفقة القائمة بأعمال السفارة الأمريكية بتونس بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات “للاطلاع على استعداد الهيئة لتنظيم الانتخابات التشريعية القادمة” وكذلك بوزير الداخلية فضلا على مكوّنات ما يُسمى بالمجتمع المدني. وادعى المسؤول الأمريكي أن بلاده ملتزمة بدعم المسار الديمقراطي وأنه يأمل أن يتم تنظيم انتخابات نزيهة وشفافة وتركيز مجلس تشريعي منتخب. ومن ناحية أخرى أعلن وزير الخارجية الأمريكي أن الولايات المتحدة سترسل مساعدة سريعة بقيمة 60 مليون دولار لدعم العائلات التونسية محدودة الدخل بدعوى الوقوف إلى جانب تونس في مواجهة أزمة الأمن الغذائي الناجمة عن الحرب في أكرانيا.
وهكذا يتضح الأسلوب الأمريكي الماكر في استعمال سياسة العصا والجزرة من أجل محاولة الضغط على بلادنا وابتزازها حتى تبقى في فلك هيمنتها في ظل بروز مؤشرات تغيُّر التحالفات العالمية خاصة بعد أن خسرت أعوانها المخلصين مثل حركة النهضة في جويلية 2021.
إن التمسك بالسيادة الوطنية يقتضي مواصلة التمسك بإنجاح الانتخابات التشريعية ودعوة المسؤولين في مختلف المستويات إلى رفض أيّ تدخل أجنبي مهما كانت الإشكاليات القانونية أو الإدارية التي وقعت أو قد تقع حتى لا يُلدغُ الحرّ من جُحرٍ مرّتين.