” انتصر” بايدن أم لم ينتصر. ” انهزم” ترامب أم لم ينهزم.
الوحشية الأمريكية حيال العالم والشعوب هي نفسها والدّعم اللامشروط للكيان الصهيوني هو نفسه. مجرّد تغيير في القشرة والتكتيكات.
لقد اختارت الولايات المتحدة بعد سقوط الاتحاد السوفياتي واستئثارها بالأحادية القطبية في العالم السياسة العدوانية المفضوحة باحتلال أفغانستان ثم العراق والتنسيق مع الكيان الصهيوني في الحرب على لبنان سنة 2006. لكنها لم تحصد سوى حرب استنزاف في أفغانستان ومقاومة عراقية أدمت كبرياءها وصمود حزب الله ومن وراءه محور مقاومة يتعزّز يوميّا.
حكم عصابة أوباما بايدن كلينتون
نقلت الإمبريالية الأمريكية دفة القيادة من حزب جمهوري أثخنته الجراح إلى “حزب ديمقراطي” رئيسه ذو بشرة سوداء من أصول افريقية ومولود من أب “مسلم” وهو أوباما الذي دشن مسرحيته الدموية بخطاب في الأزهر معلنا بداية عهد التحالف الأمريكي-الإخواني وتدمير الأمة العربية من داخلها بالفتنة الطائفية والحرب الأهلية وبشعارات معسولة مثل “الديمقراطية” و”حقوق الانسان” و”الربيع العربي” فتم تدمير الدول العربية واحدة تلو الأخرى وضرب الأنظمة الوطنية بحروب طاحنة كانت ذروتها الحرب الكونية على سوريا.
لقد خاض الأمريكيون حروبا عدة دون أن يخسروا الكثير من الجنود إذ حاربوا بالوكالة عبر عصابات المرتزقة المجندين استخباراتيا وطائفيا من تنظيم الإخوان الأم إلى تفرعاته من الجيش الحر والقاعدة وجبهة النصرة وداعش والتركستان والأكراد وغيرهم. وهذا تحول القاتل المباشر والمتوحش في عهد بوش إلى قاتل يضحك ويبتسم في عهد أوباما.
فشل الحلف الأمريكي-الإخواني وعودة تعدد الأقطاب
لا شكّ أن عصابة أوباما – بايدن – كلينتون حققت بعض المكاسب في بعض المواقع مثل تونس وليبيا لكنها منيت بفشل ذريع في خطة استعباد الأمة العربية من خلال الحلف – الأمريكي – الإخواني، فسقط مرسي في مصر وسقطت “الترويكا” في تونس واختنق التحالف العدواني بالعظم الصلب لمحور المقاومة والصمود في سوريا ولبنان وفلسطين مدعوما من إيران ومبشرا بميلاد أقطاب دولية جديدة أصبحت تقول “لا” لأمريكا.
أمريكا ترامب: الأمركة للإنقاذ من الإنهيار
تأجّج داخل الإمبريالية الأمريكية الصراع بين “لوبي” العولمة الذي هُزم و “لوبي” الأمركة الذي طرح الانكفاء على الذات وإعادة بناء الولايات المتحدة حتى تتمكن من استرجاع هيمنتها على العالم. وهكذا جاء سنة 2016 من يمثل هذا الطرح وهو ترامب بتصريحاته النارية وعدوانيّته وإعلان المواجهة مع سوريا ولبنان وإيران وفنزويلا وكوبا وبوليفيا وكوريا الشمالية وصولا للصين وروسيا.
ترامب – بايدن: انشطار أمريكا
خلفت الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة انقساما واستقطابا لم تشهد له البلاد مثيلا فوضعها على حافة الحرب الأهلية بعد أن تعرّت ورقة التوت: عنصرية، دوس على حقوق الإنسان. ومهما كان الفائز فإن التاريخ لا يعود إلى الوراء وسيتواصل الانهيار الأمريكي سواء بسياسة العين الحمراء لترامب أو الضحكة السامة الصفراء لبايدن. والثابت الأوحد في السياسة الأمريكية بوجهيها هو دعم الكيان الصهيوني والحفاظ على تفوّقه العسكري ومواصلة التطبيع.
الرّهان الخاسر على بايدن
إنه من المقرف انطلاق بعض البلدان والأحزاب في الوطن العربي لتطبّل وتهلّل لقدوم بايدن وكأنه المنقذ الحنون من “جنون ترامب” فانبرت قطر وجهازها الاستخباري “قناة الجزيرة” وطابور “الإخوان” وتفرعاتهم عبر العالم يهللون لعودة قائد الحلف الأمريكي – الإخواني للسلطة. بل وصل الأمر ببعضهم مثل رئيس الزمن الرديء المنصف المرزوقي إلى إطلاق عبارات الفرحة المخزية وكأن بايدن سيعيده للرئاسة. وقد غاب عن هؤلاء العملاء أن الولايات المتحدة تبحث عن مصالحها باستعمالهم وحين تنتهي صلوحيتهم تلقي بهم في سلّة القمامة كما فعلت مع أمثالهم. كما غاب عنهم أن فشل الحلف الأمريكي – الإخواني السابق لن يعيد بايدن بنفس السياسات الفاشلة.
إن أمريكا ليست قدرا محتوما فبالإمكان هزيمتها وإفشال مخططاتها. لذلك على القوى الوطنية النزيهة أن تراهن على الجماهير وعلى طاقاتها الذاتية لمواصلة الدفاع عن أوطانها ومنع تفكيك دولها لصالح الاستعمار والعمالة والطائفية والجهويّة.