
صوت الوطن : العدد (55) أوت 2022 – الركن السياسي
يُعتبر الدستور الجديد خطوة حاسمة تتطلب تحويل مضامينه على أرض الواقع وتكريس الاستحقاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بما يستجيب للمطالب الشعبية.
وتتمثل الاستحقاقات السياسية في مواصلة مسار المحاسبة وخاصة في الملفات الخطيرة مثل الاغتيالات السياسية والتسفير والإرهاب وتبييض الأموال. وتتمثل أيضا في تحديد مهام المجلس الوطني للأقاليم والجهات الذي سيساهم إلى جانب مجلس نواب الشعب في تنفيذ الدستور في مختلف المجالات. ولا بد من إصدار مرسوم المحكمة الدستورية التي تلكأت منظومة 24 جويلية عمدا في إرسائها. ولا يقل عن كل ما سبق أهمية إعداد قانون انتخابي يتماشى مع المرحلة الجديدة من أهم بنوده أن يمنع من الترشح لمؤسستي السلطة التشريعية كل من تعامل خلال العشرية المنقضية مع قوى خارجية معادية وأجرم في حق الأمة العربية وساهم في تخريب البلاد على أن يتم المنع عن طريق القضاء الذي بدأ يتعافى.
وعلى المستوى الاقتصادي يجب توجيه الجهود نحو معالجة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة منذ سنوات بوضع خيارات اقتصادية وطنية ترفض إملاءات المؤسسات المالية العالمية وتدفع نحو تحسين مناخ الاستثمار وتوفير الفرص للشباب لبعث المشاريع في إطار الاقتصاد التضامني والاجتماعي أو في إطار المؤسسات الصغرى والمتوسطة والتركيز على الفلاحة كمقوم أساسي للاقتصاد ومكافحة الظواهر التي تخرب الاقتصاد مثل التهريب والتهرب الجبائي والاحتكار والتوجه نحو الاستثمار البيني مع الجزائر وليبيا. كما يجب تنويع التعاون الاقتصادي مع القوى العالمية الفاعلة وعدم البقاء رهينة الغرب الاستعماري الذي لن يسمح لدولة بالتعافي الا وفق مصالحه.
أما على المستوى الاجتماعي فمن الملح أمام تدهور المقدرة الشرائية وتوسّع دائرة الفقر وارتفاع نسب البطالة وضع برنامج اجتماعي يقوم على توفير المرافق الأساسية والحياتية بضمان الصحة والتغطية الاجتماعية والتعليم والسكن ومقاومة الآفات الاجتماعية ومساعدة الفئات الفقيرة والفئات محدودة الدخل وتوفير المرافق الأساسية للجهات المحرومة وللأحياء الشعبية مثل الماء والصرف الصحي وتنقية البيئة.
إن طريق التغيير الوطني وتلبية مطالب الشعب قد بدأ بإصدار دستور نابع من إرادة وطنية صادقة جسدها رئيس الجمهورية وحكومته من خلال مواقفه المشرّفة الرافضة للتدخل في الشؤون الداخلية والتمسك بالسيادة الوطنية غير أن نجاحها في تحقيق أهدافها يتطلب التعاون بين رئاسة الجمهورية والحكومة من جهة والمنظمات الوطنية وخاصة الاتحاد العام التونسي للشغل من جهة ثانية ووضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار والانصراف عن القضايا الهامشية المفتعلة التي تنفخ في نارها قوى أجنبية معادية والتي لا مصلحة للشعب فيها.