صوت الوطن : العدد (55) أوت 2022 – ملف العدد
ما يحدث في تونس في هذه الفترة بكل بساطة: شعب انتفض ضد قوى عميلة حكمت البلاد عشر سنوات دمّرت فيها كل شيء لصالح القوى الأجنبية الغربية والتركية والقطرية ولمصالحها الأنانية الضيقة. خسرت هذه القوى العميلة فردوسها المفقود فانطلقت في حملة مسعورة تدافع بأنيابها وأظافرها على مواقعها المتهاوية مستنجدة بأولياء نعمتها. فالمسألة ليست قضية ديمقراطية ولا حقوق إنسان ولا استفتاء ولا دستور ولا مرسوم فلاني ولا فصل علاني. المسألة هي محاربة مسار إنقاذي باللجوء إلى كل الوسائل القذرة مهما كانت الحقائق ساطعة. فالحملات التي تُشنّ هي أدوات عمل لتنفيذ المهام التخريبية الموكلة لهم. لذلك حين نتناول الحجج التي يعتمدها هؤلاء نكتشف أنها لا تصمد لحظة أمام الواقع.
إن تكالب الخارج والداخل على مسار 25 جويلية وعلى الاستفتاء والدستور الجديد مرتبط بما ورد في هذا الدستور من ترسيخ للسيادة الوطنية بالاعتزاز بالانتماء العربي والإسلامي والمغاربي والدفاع عن القيم الإنسانية وعلى رأسها حق الشعوب في تقرير مصيرها وعلى رأسها الشعب الفلسطيني وحقه في تحرير فلسطين وعاصمتها القدس المحرّر، والتنصيص على رفض الانخراط في أية محاور. هذا إلى جانب ترسيخ القيم الديمقراطية وتوحيد أجهزة الدولة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والثقافية لصالح الشعب الأبيّ. وهذا ما أغاض الأعداء فصبّوا جام غضبهم على تونس وعلى رئيسها وعلى شعبها وعلى قواها الوطنية، مطالبين بالضغط عليها ماليا وإعلاميا وحتى عسكريا.
لكن لتونس رجال ونساء يحمونها ويبذلون في سبيلها الغالي والنفيس. ولا بد من دعم التوجه الثابت للدفاع عن السيادة الوطنية ورفض التدخل الوقح في شؤوننا الداخلية والذي بلغ ذروته في مداخلة السفير الأمريكي الجديد أمام الكونغرس، حيث قدّم خارطة طريق لتونس لاستعبادها وإقحامها في التطبيع. وهذا يستوجب رفع مطلب رفض قبول أوراق اعتماد هذا الاستعماري الذي يظن أنه سيحلّ بمستعمرة يسيّرها بالأزرار كما شاء، ونسي أن دولته بدأت تسير في طريق الشيخوخة والترهّل ولم يعد الكثير يقرأ لها أيّ حساب.
إن وضع تونس وما يحيط بها يتطلب من كل القوى الوطنية الصادقة تجميع طاقاتها للدفاع عن وطنها ودستورها لتحويله إلى واقع ملموس ينهض بالبلاد وينقذ الشعب