
تميزت ثورة الفاتح من سبتمبر 1969 بأن وضعت منذ اليوم الأول فلسطين بوصلة لها من ذلك أن كلمة سر الضباط الأحرار ليلة الفاتح كانت ” القدس”. كما تبنت الثورة منذ اليوم الأول القضية القومية العربية وأعلنت مساندتها للزعيم جمال عبد الناصر الذي أعلن بدوره مساندته لثورة الفاتح وللقائد معمر القذافي وأتمنه على القومية العربية. وقامت القيادة الجديدة بطرد القوات العسكرية الأمريكية والبريطانية وأممت المؤسسات النفطية. لذلك فإن اندلاع حرب أكتوبر بعد أربع سنوات من قيام ثورة الفاتح كانت فرصة كرست المبادئ التي رفعتها وأزاحت بها حكم الملك ادريس السنوسي. وساعد على تجسيد هذا التوجه القومي الحدود المشتركة التي جعلت من ليبيا العمق الاستراتيجي لمصر.
ومنذ عام 1969 شرع الزعيم القذافي في تكوين جيش ليبي قوي فقام بشراء 50 طائرة مقاتلة قاذفة من نوع ميراج 5 الفرنسية الشهيرة والمعروفة بقوتها وتقدمها وحسن مناورتها الجوية. وعندما واجهت القيادة المصرية مشكلة التفوق الجوي الصهيوني على طائراتها، عقدت ليبيا صفقة طائرات “ميراج” مع فرنسا واستخرجت جوازات سفر ليبية للطيارين المصريين من أجل التدريب في فرنسا، ودفعت مقابل “صفقة شراء الدبابات. واتفقت ليبيا ومصر على أن يستخدم المصريون الجنسية الليبية للمساعدة في إتمام الصفقة مع فرنسا فطار تشكيل من خمسة طائرات فرنسية صُبِغتَ بالعلامات الليبية للعرض في الذكرى الأولى للجمهورية العربية الليبية فوق طرابلس ومع كل طيار مصري في كابينة القيادة الأمامية طيار فرنسي في المؤخرة.
وعند اندلاع الحرب في أكتوبر 1973 وضعت ليبيا كل إمكانياتها تحت تصرف الجيش المصري وغطت كل النقائص اللوجستيكية لتأمين العبور من ذلك شراؤها من ايطاليا القوارب المطاطية التي عبر بها الجنود المصريون قناة السويس إلى جانب معدات أخرى مثل 300 دبابة، وأكثر من 50 عربة مدرعة ومدافع ميدان وزوارق مطاطية. وقدرت قيمة المساعدات المالية بما تزيد قيمته عن 968 مليون دولار تم رصدها لشراء أحدث أنواع الأسلحة الجوية والبحرية والبرية. كما تكفلت ليبيا بتغطية احتياجات مصر التموينية طوال فترة الحرب وذلك بإشراف من المقدم آنذاك أبو بكر يونس جابر. “
أما على المستوى البشري فقد كانت القوات الليبية المتمركزة في مصر إلى جانب القوات المصرية في مواجهة العدو الصهيوني. وقد أكد ذلك سعد الدين الشاذلى قائد الجيش المصري ومهندس العبور في مذكراته: “إنه عند قيام الحرب كانت القوات الليبية المتمركزة في مصر عبارة عن سربى ميراج، أحدهما يقوده طيارون ليبيون، والآخر يقوده طيارون مصريون، ولواء مدرع”. وكان يقود القوات الليبية المشير خليفة حفتر الذي حاز في أعقاب الحرب نوط نجمة العبور المصرية التي تمنح للضباط الذين ساهموا في عبور قناة السويس.
لقد ساهمت ليبيا بفعل الدعم العربي للمجهود الحربي في كل من مصر وسوريا في تحقيق النصر في حرب العاشر من رمضان المجيدة كما ساهمت بعد الحرب في الحظر النفطي على البلدان الغربية وخاصة على الولايات المتحدة الأمريكية الداعم الرئيسي للكيان الصهيوني وكانت مساهمتها حاسمة باعتبار أنها من أكبر البلدان المنتجة والمصدرة للنفط.