يشتد الخناق كل يوم حول رقبة حركة النهضة بعد أن بدأ الشعب يكتشف حقيقتها وحقيقة حلفائها الذين تآمروا خلال العشرية الأخيرة على الدولة الوطنية وباعوا خيرات البلاد للقوى الأجنبية وجوعوا الشعب ونشروا الإرهاب وحالوا دون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني. وهكذا تبين لعموم الشعب اليوم فشل النظام السياسي وما نتج عنه من صراع صلاحيات وعدم استقرار حكومي، وهكذا تدهور الواقع الاقتصادي فارتفعت نسب التداين وتفاقم عجز الميزانية واختلال الميزان التجاري وهكذا تعفن أيضا الوضع الاجتماعي متجسدا في ارتفاع نسب البطالة واتساع دائرة الفقر.

       لكن غطرسة الائتلاف الحاكم لقيت مواجهة من قبل القوى الوطنية وفي مقدمتها الحزب الدستوري الحر الذي عرقلت كتلته في مجلس نواب الشعب بما استطاع من جهود ما يحاك من مؤامرات على الشعب وخاصة منها إغراقه بالقروض وكشف تمويل منظمات أجنبية لبعض النواب ولمستشاريهم. وأبلى هذا الحزب البلاء الحسن في فضح علاقة الإخوان بالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين ولعب دورا طلائعيا وميدانيا في كشف خطورة فرعه في تونس. كما توجهت رئيسته مؤخرا إلى الرئيس الأمريكي بالكف عن التدخل في الشأن التونسي وعن دعم تنظيم الإخوان ودعت الرئيس قيس سعيد إلى إعادة العلاقات مع سورية.

ونتيجة لاحتداد الصراع بين هذين الطرفين بدأت تتضح على الساحة السياسية ملامح فرز حقيقي. فقد خطا رئيس الجمهورية خطوات إيجابية في التباين مع حركة النهضة فأعلن اعترافه بدور الزعيم الحبيب بورقيبة في بناء الدولة الوطنية وأدى زيارة إلى جمهورية مصر العربية وعبر عن دعمه لها في مواجهة الإخوان وفي غيرها من القضايا العربية. غير أن خطواته في حاجة إلى التكريس على أرض الواقع.

أما بقية القوى السياسية فإن أغلبها ما زال يتصرف بانتهازية عبر التظاهر بالجلوس على كرسي ثالث بينما تجدهم يعلنون العداء والحقد على الحزب الدستوري الحر ويتظاهرون بعداء حركة النهضة وحلفائها وهم بذلك يقفون أحبوا أم كرهوا إلى جانب الإخوان وحلفائهم. ويتعلق الأمر بمن يرفع باطلا لواء القومية أو من يعلن نفسه يساريا أو من صم آذاننا بشعار مكافحة الفساد أو من يدعي الانتماء تاريخيا إلى التوجه الدستوري.

 إن الموقف الصائب في اللحظة الراهنة يتمثل في التركيز على التصدي لحركة النهضة وحلفائها ودعم الحزب الدستوري الحر الرافع لراية السيادة الوطنية.

حول واقع الصراع السياسي في تونس : لا مكان للجلوس على كرسي ثالث
أنشره
الموسومة على: