
الحبيب السماوي – الشروق : 23 مـــاي 2022
مازالت الأنظار متجهة نحو الوضع الداخلي السوري ترقب مرحلة ما بعد الحرب وانتصار سورية بقيادتها الوطنية وجيشها الباسل وشعبها الصامد على المؤامرة الأطلسية الصهيونية والإرهاب وسيطرتها على أكثر من 90 بالمائة من ترابها وفي ظل مواصلة حصارها وتشويهها والضغط عليها لإثنائها عن نهجها المقاوم. وفي قراءة لمجريات الوضع السوري في علاقة بالمحيط العربي والدولي يتضح أن القيادة السورية مسيطرة على الوضع وتسعى إلى تجاوز تداعيات الحرب الإرهابية التي دامت ما يقارب عشر سنوات والتي أنهكت منظومتها الاقتصادية حيث أن نسبة النمو وصلت قبل 2011 إلى 9 بالمائة واحتلت سورية المرتبة العاشرة دوليا في مجال التنمية البشرية محققة الاكتفاء الذاتي الغذائي مع صفر ديون.
وهكذا تتجه سورية اليوم نحو استرجاع نسق نموها الاقتصادي بصفة تدريجية رغم صعوبات جائحة كورونا وقانون قيصر وسيطرة الأمريكان على أهم منابع البترول السوري وعلى أخصب الأراضي الزراعية. كما تواصل تكريس المقاربة الديمقراطية والدفاع على حقوق الإنسان بصفة فعلية بإصدار قانون تجريم التعذيب وتأكيد المصالحة الوطنية من خلال إقرار مرسوم العفو عن الجرائم الإرهابية للسوريين في الداخل وفي الخارج بداية من 30 أفريل 2022 ولمدة ثلاثة أشهر باستثناء المعترضين على ذلك باسم الحق الشخصي. وهي إشارة واضحة لضرب قوى الفتنة وفتح الباب لعودة أبنائها واحتضانهم مجددا للعيش في وطنهم بعزة وكرامة وتجاوز أوضاع الفقر واللجوء القسري.
لكن المرسوم استثنى العناصر الإرهابية الأجنبية المتواجدة بسورية سواء في المناطق المحتلة المنتمية للعصابات الداعشية أو بالسجون. وقد عبر السيد فيصل المقداد وزير الخارجية والمغتربين في حوار تلفزي يوم 18 ماي 2022 عن تمسك سورية بالثوابت الوطنية وبأولويات المرحلة الراهنة الدقيقة حيث أن الجيش العربي السوري ما انفك يتصدى للهجمات الصهيونية ويقين راسخ أنه ” لن يبقى عدو على الأرض السورية فالتراب السوري مقدس وسيحرر في المنطقة الشمالية والشرقية والغربية وفي المناطق الحدودية”.
كما أكد ” إن الوجود الأمريكي بالجزيرة السورية غير شرعي وهو زائل وإن الأراضي المحتلة ستعود لسلطة الدولة السورية وعلى مليشيات قسد (قوات سورية الديمقراطية المدعومة من أمريكا) الانفصالية أن تعي أن المحتل الأمريكي سيرحل عن أرضنا وسيتخلى عنهم”. كما أوضح أن كل الضربات التي تلقتها سورية من مختلف الجهات كانت عليها ردود بشكل مباشر أو غير مباشر وعودوا إلى ما يحدث داخل الأراضي المحتلة وإلى بعد كل هذه الاعتداءات تجدون أن سورية ترد في كل مكان”.
كما تقف سورية في نفس الخندق مع الشعب الفلسطيني ” ولن تتخلى عن مسؤولياتها تجاه الشعب الفلسطيني وإن القضية الأساسية لأمتنا العربية هي القضية الفلسطينية ولكل أحرار العالم ويجب أن ينتهي هذا العدوان الممنهج ضد الشعب الفلسطيني.” أما على المستوى العربي فتسعى سورية لمنع التفتت العربي الذي لا يخدم حاضر الدول العربية ومستقبلها وهي في تواصل مع الدول العربية بشكل معلن أو غير معلن رغم الضغوط الأمريكية الرهيبة عليها المراوحة بين قبولها التطبيع مع الصهاينة أو منع المساعدات الاقتصادية عنها علما وأن تأجيل عقد القمة العربية في مارس الماضي في الجزائر يعود في جزء منه إلى الخلاف حول عودة سورية إلى الجامعة العربية. ورغم ذلك فقد شرعت بعض الدول العربية في فك الحصار على سورية على غرار موريتانيا حيث زار وفد برلماني في بداية هذا الشهر سورية والتقى العديد من المسؤولين والأكيد أن الحكومة التونسية تعد من بين الحكومات التي لها علاقات تواصل مع الدولة السورية.
وفي ظل إصرار منظومة 24 جويلية على الاستقواء بالقوى الاستعمارية ودفعها نحو ابتزاز بلادنا سياسيا واقتصاديا فإنه من مصلحة شعبنا ومن واجب رئاستنا إعادة العلاقات السياسية مع سورية وإحياء الاتفاقيات المشتركة التي جمدت بعد 2011 بما يساهم في إيجاد حلول لبعض الصعوبات الاقتصادية لمصلحة الطرفين خاصة ما سينجر على الحرب الروسية في اكرانيا من تداعيات على مستوى المنطقة العربية وفي تفكيك طلاسم ملف تسفير الشباب المتورط في الإرهاب وفي تعزيز جبهة مناهضة التطبيع.