سيف القدس” :  عيد بأية حال عدت يا عيد”

الحبيب السماوي، ناشط نقابي وسياسي

صدر بجريدة الشروق يوم 17 ماي 2021

أحيينا الأسبوع الماضي عيد الفطر المبارك ونحن نردد مطلع قصيدة للشاعر أبي الطيب المتنبي “عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ،  بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ”  وأعيننا وقلوبنا بين عائلاتنا بتونس في ظل جائحة كورونا وعوائلنا في فلسطين والقدس وغزة الذين شهدوا العيد على وقع محاولة طردهم من ديارهم في حي الشيخ جراح وعلى دوي القنابل والرصاص الموجه إلى صدورهم وعلى إصابة واستشهاد العديد من المجاهدين، ولم يشتر أطفال فلسطين اللعب ولم يفرحوا كسائر الأطفال أمام الدمار الذي لحق البيوت والمحلات. لم يفرحوا كسائر المسلمين لكنهم ظلوا مرابطين مدافعين عن أرضهم وعرضهم بصمودهم وعزيمتهم التي كانت أقوى من كل ترسانة العدو بل زادتهم قوة وإيمانا بعدالة قضيتهم وتمسكا بحقوقهم المسلوبة وعززت صمود الأسرى والمساجين في محتشدات الكيان الصهيوني الغاشم بل دكت صواريخ المقاومة حصون العدو الصهيوني وبثت الرعب في قلوبهم ففروا بكل جبن وخوف إلى الملاجئ.

وبالتوازي هبت القوى الوطنية بأرجاء الوطن العربي للتعبير عن وقوفها مع إخواننا في فلسطين ورفضا لسياسات الأنظمة العربية المطبعة مع الكيان الصهيوني والمراهنة زيفا على حلول الاستسلام والخنوع وأنصاف الحلول على غرار موجة التطبيع والاتفاقيات الإبراهيمية الأخيرة التي هندستها وأثثتها القوة الاستعمارية الأمريكية بهدف فك العزلة السياسية والاقتصادية عن الكيان الصهيوني البغيض وضرب قوى المقاومة وتصفية القضية الفلسطينية. لكن الواقع أثبت فشلها مثل اتفاقيات مخيم داوود ووادي عربة واوسلو وآخرها صفقة القرن التي حاول ترامب أن يتوج بها مسار الربيع العبري والثورات الملونة التي تضع بهتانا حرية الأفراد على حساب حرية الأوطان لضرب القوى الوطنية المقاومة وفي الأخير تغتصب الأوطان وتنتهك حقوق الأفراد وحرياتهم.

أما على المستوى الدولي فلئن طالبت تونس بوصفها العضو العربي بمجلس الأمنبعقد اجتماع للتنديد بالاعتداءات الصهيونية على الشعب الفلسطيني إلا أنها لم تتوصل إلى أي نتيجة تذكر حيث  أفضى الاجتماع الأول لهذا المجلس بتاريخ 10 ماي 2021 إلى رفض أمريكا إصدار بيان في الغرض رغم موافقة أغلب الأعضاء وتكرر نفس الشيء يوم 12 ماي 2021 في اجتماع ثان ورفضت رأس الحية أمريكا ولو عقد نقاط إعلامية لشجب الاعتداءات الصهيونية واللاإنسانية والوحشية على الشعب الفلسطيني ضاربة عرض الحائط كل المواثيق الدولية المقرة لحق الشعوب في تقرير مصيرها وحقها في سيادتها على أراضيها. كما تم رفض عقد جلسة علنية لمجلس الأمن يوم الجمعة 15 ماي 2021 وهو اليوم الموافق للذكرى الثالثة والسبعون لاغتصاب فلسطين خوفا من فضح موقف الولايات المتحدة الأمريكية من قبل أغلب الأعضاء.

لقد واصلت هذه المنظومة الدفاع عن الكيان الصهيوني الغاشم وعن دوسه للعهود الدولية  ولمختلف الحقوق الإنسانية مثل الحق في الحياة والإعلام والتعبيروغيرها وتتمادى في اعتماد الكيل بمكيالين في التعامل مع قضية العرب والعالم قضية فلسطين الحبيبة. لذلك فإن الظرف الحالي يفرض علينا كتونسيين حشد الجهود لفضح المنظومة الدولية الظالمة وإقرار حق الشعب الفلسطيني في سيادته على أراضيه المغتصبة وإطلاق حملة مناصرة وطنية لإقرار قانون لتجريم التطبيع بكل أشكاله بعد أن رفضت أحزاب الترويكا بقيادة حركة النهضة إدراجه في دستور 2014 وها هي اليوم تدعي الوقوف مع القضية الفلسطينية في وقت تلتقي قياداته مع قادة اللوبي الصهيوني من أمثال مادلين البرايت وجون ماكين وتنسق مع حلفائها في المنطقة مثل النظام الأردغاني الغارق في الوحل في مساندته للكيان الصهيوني المحتل. ورغم كل هذه المؤامرات فإن النصر آت وسنحتفل إن عاجلا أم آجلا مع إخواننا الفلسطينيين بفرحتين فرحة العيد وفرحة النصر وسنثبت قول المتنبي في النصف الثاني من بيته الشعري أن العيد أتى بأمر فيه تجديد.

سيف القدس” : عيد بأية حال عدت يا عيد”
أنشره
الموسومة على: