تشهد البلاد منذ أشهر احتجاجات شعبية تعكس تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وفشل الحكام المتداولين على السلطة في تحسينها. وبلغت الاحتجاجات أوجها خلال الأسبوع الثالث من هذا الشهر عبر خروج مجموعات شبابية ليلا رغم فترة الحجر الصحي الشامل وقيام بعضهم بأعمال شغب واعتداءات مما جعلها بمثابة الشجرة التي تحجب غابة التحركات الشعبية التي عمت أغلب القطاعات والجهات في الفترة الأخيرة.
فقد شنت خمس جهات إضرابات دعا لها الاتحاد العام التونسي للشغل شاركت فيها عدة منظمات وطنية. وأضرب القضاة وأعوان العدلية وقطاعات أخرى لمدة طويلة واحتج الفلاحون على تهميش القطاع وفقدان البذور والأسمدة وقام موظفو التربية والقيمون والقيمون العامون بتحركات متنوعة للمطالبة بتطبيق الاتفاقات المبرمة. ولم تجد فئات أخرى غير مهيكلة سوى المماطلات والوعود مثل عملة الحضائر والعاطلون ممن طالت بطالتهم والدكاترة الباحثون.
وعوض أن تتعامل الحكومة مع هذه المطالب المشروعة بصفة ايجابية فقد واجهتها بالعنف بما في ذلك الاحتجاجات التي وقعت في واضحة النهار وكذلك التحركات التي سبقتها. وتتحمل المسؤولية الأولى في هذه التصرفات المعادية لمطالب الشعب حركة النهضة وحلفاؤها بشيطنتهم النضالات الشعبية ثم بتحريض أحد قادتها على الدخول في حرب أهلية مما يدل على امتلاك الحركة لميليشيا تنتظر إعطاءها الضوء الأخضر للتحرك ويعيد إلى الأذهان ما يسمى بروابط حماية الثورة والاغتيالات السياسية زمن الترويكا.
لذلك ارتفعت أصوات القوى الوطنية من أحزاب ومنظمات مطالبة بالاستجابة لمطالب المحتجين عوض قمعهم ومحاكمتهم والزج بالمؤسستين الأمنية والعسكرية في مواجهة الشعب وخدمة الاجندات السياسية المشبوهة مع التحذير من اتخاذ مواجهة الكورونا تعلة لتجويع بعض الفئات أو لقمع التحركات.