
قانون منع المناولة: خطوة أخرى على طريق الدولة الاجتماعية
مثـّــل قانون تنظيم عقود الشغل ومنع المناولة الصادر في ماي 2025 إنجازا اجتماعيا آخر سيساهم في القضاء على التشغيل الهش وحفظ كرامة التونسيين ويضاف إلى عديد الإجراءات التي اتخذتها الدولة في الفترة الأخيرة.
الانتصار على الاستغلال
يكون عقد الشغل غير معين المدة كقاعدة ولا يجوز أن يكون معيّن المدة إلا في حالات استثنائية. لكن الأهم القضاء على مناولة اليد العاملة التي ليست سوى نخاسة واتجارا بالبشر. وهكذا كرّس القانون بصفة جلية دستور 25 جويلية في الحق في العمل اللائق وبأجر عادل وجسّد تعهدات رئيس الجمهورية في برنامجه الانتخابي بالانتصار على أشكال استغلال اليد العاملة.
مخاطر محتملة
لئن رحّبت أغلب فئات الشعب بالقانون وخاصة منهم الأجراء المعنيون به فإن هناك تخوّفا من انعكاساته السلبية على المؤسسات وخاصة منها الصغرى والمتوسطة بل إنّ بعضها أقدمت على طرد المئات من العمال. والحقيقة أن المخاطر واردة والتخوّفات مشروعة وتبقى الأهداف في إلغاء أشكال المناولة والتشغيل الهش سامية.
حلول وآفاق
بدأت تظهر بوادر إيجابية من قبل بعض المؤسسات التي سارعت إلى انتداب عمال المناولة المشتغلين لديها بمن فيهم أعوان الحراسة والتنظيف وأعلنت أخرى عن شروعها في نفس الاتجاه. وتعهدت الدولة من جانبها بأن تكون القدوة من خلال تسوية وضعية الأعوان المشتغلين لديها عبر المناولة مثل حل شركة “الاتصالية”.
البعد الاقتصادي
ستمكن هذه الإجراءات من توفير الاستقرار الاجتماعي والطمأنينة للأجراء وحفظ حقوقهم وإنصافهم بما يُحفزّهم على البذل والعطاء وتقوية روح الانتماء للمؤسسة وهو ما ينعكس بالضرورة على الجانب الاقتصادي. أما النهوض بالاقتصاد وتحسين نسبة نمو مرتفعة فتلك مسؤولية كل الأطراف التي عليها مراجعة المنظومة التشريعية للاستثمار وخلق الحوافز وتعزيز ثقافة العمل .
إرادة سياسية
لئن كانت هذه الإنجازات الرائدة مطلبا من المطالب الاجتماعية التي نادت بها العديد من القوى الوطنية والمنظمات النقابية والتي سقط من أجلها شهداء فإنها لم تكن لتتجسد لو لم تكن هناك إرادة سياسية قادها رئيس الجمهورية بكل عزم وجرأة لحفظ كرامة التونسيين متحديا الضغوطات الأجنبية وداعيا إلى الاعتماد على الذات وتدعيم السيادة الوطنية على طريق معركة التحرر الوطني.