
فارقنا المقاوم الشجاع، المحارب المغوار والرجل الشهم فيصل بن حسن بن عون فجر يوم 17 مارس 2022، الابن البار لقرية تنبيب من ولاية قبلي في الجنوب الغربي التونسي بعد 23 سنة من ربيع حياته قضَّاها في جبهة المواجهة مع العدو الصهيوني في جنوب لبنان.
انتقل فيصل سنة 1989 إلى المشرق العربي ضمن مجموعة من خيرة شباب تونس كانت أول من لبّى نداء الواجب الذي دعا له التنظيم الذي حمل لاحقا اسم حركة النضال الوطني وآل على نفسه خوض غماره وتأديته على أحسن وجه في الصفوف الأمامية لجبهة المواجهة مع العدو الصهيوني المفتوحة آنذاك في الجنوب اللبناني المحتل.
انطلق هؤلاء الشباب في عملية تطوّع منظمة حيث تم الاختيار على أهم مدرسة من مدارس النضال والفداء المتشبّعة بروح قومية قضية فلسطين، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة بقيادة المناضل الوطني والقومي أحمد جبريل رحمه الله التي احتضنتهم ودرّبتهم أحسن تدريب وسلـّـحتهم وأوصلتهم إلى أرض المواجهة مع العدوّ الصهيوني الغاصب.
سار هؤلاء الشباب المفعم بروح وطنية نابعة من إيمان عميق بأن قضية فلسطين هي قضيتهم كما هي قضية كل فلسطيني اغتصبت أرضه وأُخرج من دياره وقضية كل عربي شريف من المحيط إلى الخليج، وقد أعطى العدو الدليل على صواب التوجه حين قتل عشرات التونسيين والفلسطينيين في قصف حمام الشط سنة 1985 واغتال القائد الفلسطيني خليل الوزير في بيته في أحواز تونس العاصمة وضرب مفاعل تموز في العراق وما انفك يرتكب العدوان تلو العدوان على سورية.
روح وطنية نابعة أيضا من إيمان جيل المتطوعين أن مصير العرب من مصير فلسطين إن تحرّرت تحرّروا وأن لا تحرّر حقيقي لأي جزء من وطننا العربي وفلسطين مغتصبة.
سار هؤلاء الشباب على درب الآباء والأجداد الذين انطلقوا سنة 1948 من تونس مشيا على الأقدام للذود عن فلسطين المغتصبة. كما تعلـّـموا الدرس ممّن سبقهم في التضحية والفداء فاقتدوا بالشهداء الأبطال ميلود بن ناجح وعمران المقدمي وخالد الوسلاتي ومقداد الخليفي والهادي بن بريك وغيرهم كثير من شهداء تونس على درب تحرير فلسطين. لم يتخذوا قضية فلسطين مجرّد شعار بل قرنوا الأقوال بالأفعال وهذا لعمري أعظم درس يتعلمه منهم كل وطني شريف.