الذكرى 68 للاستقلال: تونس مستقلة فعلا

يتجاوز الاحتفال بعيد الاستقلال الوطني بُعده الرمزي والتاريخي ومعانيه السامية التي ناضلت من أجله أجيال من التونسيين ودفع في سبيله الشهداء أرواحهم ودمائهم الطاهرة ليكون مناسبة لرصد مدى تكريسه اليوم على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية.
التاريخ عنيد
غابت الاحتفالات بعيد الاستقلال خلال عشرية الخراب وكان ذلك عن قصد بل وقع التشكيك في الاستقلال سواء من خلال الحكام وفي مقدمتهم حركة النهضة أو من خلال بعض الطفيليات العميلة الذين نصّبوا أنفسهم مؤرخين بل مزورين للتاريخ. ورغم محاولة ترذيل هذا الإنجاز الكبير بل إلغائه تماما من الذاكرة فإن التاريخ عنيد. فقد تمكن الشعب التونسي من طرد المستعمر الفرنسي بعد أن خاض نضالات عديدة منذ سنة 1881 وكان من أبرز محطاتها عقد ” مؤتمر الاستقلال” سنة 1946 بمشاركة عدة أحزاب ومنظمات وطنية ثم إطلاق الكفاح المسلح في جانفي سنة 1952 بما فتح مجالا للعديد من الشعوب للنسج على المنوال مثل الجزائر في نوفمبر 1954. واستكمل الشعب استقلاله نهائيا بعد معركة بنزرت سنة 1961 والجلاء سنة 1963.
25 جويلية يدعم الاستقلال
جاء حدث 25 جويلية ليجسد أكثر من أي وقت مضى معني الاستقلال. فها أن الرئيس قيس سعيد يعلن عاليا تمسكه بالسيادة الوطنية ورفضه الارتهان إلى صندوق النقد الدولي وهو الموقف الذي ما انفكت تناضل من أجله الأحزاب السياسية ومنها حركة النضال الوطني والمنظمات الوطنية. ولم تشهد تونس في تاريخها رئيسا متشبعا بالثقافة العربية الإسلامية ومدافعا على اللغة العربية مثل الرئيس سعيد. ولا يمكن لاستقلال تونس أن يكون له معنى دون استقلال فلسطين وهو ما يتأكد اليوم في تطابق الموقف الرسمي مع الموقف الشعبي.
واجباتنا
إن الاحتفال بعيد الاستقلال أبسط واجب نقوم به اعترافا بالجميل لمن استشهدوا وضحوا من أجل عزة الوطن مثلما من واجبنا الاحتفال بأعياد لا تقل أهمية وهي 9 أفريل تكريما للشهداء و 25 جويلية بصفتيه كعيد للجمهورية وعيد القطع مع عشرية الخراب. ويكون ذلك ليس فقط برفع العلم الوطني وترديد النشيد الوطني بل بالعمل على تكريس معاني الاستقلال في الدفاع على مناعة الوطن التي تبقى دائما عرضة للانتهاك في عالم يشهد صراعات متنوعة ومتسارعة. ويكون أيضا بالعمل والكد ليلا نهارا وبالسعي إلى ضمان الأمن الغذائي ومناهضة التطبيع وربط الديمقراطية بالسيادة الوطنية.