
صوت الوطن العدد (69) – 01 سبتمبر 2023
يتأهب ثلاثة ملايين تلميذ للعودة إلى مقاعد الدراسة. وتعيش عائلاتهم حالة طوارئ لمجابهة معركة اقتناء الأدوات المدرسية واللباس والنقل وغيرها من المستلزمات. وتكون المعاناة أشدّ وطأة على العائلات المعوزة ومحدودة الدخل أمام ارتفاع الأسعار ونقص التزويد بالكراس المدعّم. ورغم حملات التضامن الهامة على غرار إعداد الاتحاد التونسي للتضامن الاجتماعي لسَلـَّة مدرسية لـ 100 ألف تلميذ تتضمن محفظة وكتبا وكراسات وأقلاما وملابس وحذاء رياضيا لكل تلميذ، إضافة إلى حملات تضامنية أخرى، فإن ذلك لا يفي بالغرض لأن المقدرة الشرائية اهتزت حتى بالنسبة للفئات المتوسطة. فأسعار الكراسات غير المدعومة مرتفعة ويفوق سعر بعضها عشرين دينارا، فضلا عن ارتفاع سعر كل السلع المستوردة بفعل تراجع قيمة الدينار وتداعيات الأزمة العالمية.
والحقيقة أنه لا يمكن فصل موضوع غلاء أسعار المواد المدرسية على واقع الاقتصاد التونسي بصفة عامة الذي يشكو من غياب سياسة حمائية للمنتوج الوطني مقابل منافسة غير شريفة في أغلب الأحيان حيث يقع إغراق السوق بسلع مهربة رديئة الصنع ولها مخاطر على صحة التلميذ تلتجئ إلى اقتنائها العائلات لأثمانها البخسة. وقد أدّى هذا الوضع إلى إغلاق العديد من المصانع المنتجة للمواد المدرسية (أقلام جافة، أقلام رصاص، اللصق المعروف ب”السكوتش” ) بل تحوّلت بعض المؤسسات إلى مورّد للسلع الأجنبية. أما على مستوى الورق فهناك مجهودات لتوفير الكراس والكتاب بكلفة أقل عبر إنقاذ معمَلـَي الحلفاء والورق بالقصرين. إلى جانب طبع الكتب المدرسية بالمركز الوطني البيداغوجي والتخلي عن طبعها في تركيا.
إن العودة المدرسية ليست مجرد حدث عادي يهم العائلة التونسية التي لديها أبناء في المدرسة فقط بل حدث وطني له أبعاد متعددة فالتربية والتعليم يحركان الدورة الاقتصادية من نقل ومطاعم وخدمات مكتبية وغيرها مما يستوجب وقوف الجميع صفا واحدا لإنجاحها طالما هناك إجماع على أن أهم ثروة لدينا هي المعرفة.