قانون العمل المنزلي بين النص والتطبيق

بقلم د. بدر السماوي

صدر بجريدة الشروق ضمن الركن الأسبوعي ” نافذة على الوطن”

         صدر بالرائد الرسمي بتاريخ 30 جويلية الماضي قانون العمل المنزلي الذي يهدف إلى تنظيم العلاقات الشغلية في هذا القطاع الهش ويضمن حقوق العاملين فيه من معينات منزليات وحراس وطباخين وعمّال حدائق يعمل أغلبهم في ظروف غير لائقة ودون التمتع بالتغطية الاجتماعية سواء منهم التونسيين أو الأجانب وخاصة منهم القادمين من جنوب الصحراء الإفريقية الذين ارتفع عددهم في السنوات الأخيرة. فما هي الإضافة التي قدمها وما هي حظوظ تطبيقه؟

        عرف النص العمل المنزلي بأنه ” كل نشاط يدوي أو خدماتي ينجز في الأسرة أو في عدة أسر أو لفائدة شخص أو أسرة أو عدة أسر” فسعى إلى تدارك ثغرة عدم خضوع هذه الفئة إلى مجلة الشغل بسبب انتفاء شروط العلاقة الشغلية. فالعلاقة بين الطرفين يغلب عليها الطابع الشخصي ويُنجز العمل في منزل خاص ولا تتوفر في بعض الأحيان علاقة التبعية بين الأجير والمؤجر من ذلك أن الأجير قد يتلقى أوامر من جميع أفراد العائلة دون ـأن يستطيع رفض أوامرهم. لذلك أجبر القانون الطرفين على إبرام عقد شغل محدد المدة أو غير محدد المدة عندما يتم التشغيل لدى مؤجر واحد. ويجب أن يتضمن العقد المدة وتحديد النشاط المطلوب إنجازه ومبلغ الأجر وطريقة الخلاص ودوريتها وعدد ساعات العمل ومدة الراحة. ولئن مثلت هذه الإجراءات إضافة قانونية هامة فإن قابلية تطبيقها تبدو ضعيفة بسبب خصوصية إنجاز العمل في محلات مغلقة فضلا على أن أهم الإجراءات لا تشمل من يشتغلون لدى عدة مؤجرين الذين يتجاوز عددهم بكثير من يعملون لدى مؤجر واحد.

أما في مجال الضمان الاجتماعي فإن عملة المنازل يخضعون منذ سنة 2002 إلى نظام بعض الأصناف من العملة في القطاعين الفلاحي وغير الفلاحي. ورغم مرور عشرين سنة على هذا القانون ما زال الانتفاع به ضعيفا. فقد ورد في إحصائيات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لسنة 2019 أن عدد عملة المنازل المسجلين لا يتجاوز 31 ألفا. ويبدو هذا الرقم ضعيفا ولا يمثل سوى جزء من أولئك  المشتغلين لدى مؤجر واحد بدليل أن عدد المؤجرين المنخرطين ناهز 27 ألفا. ولم يمكن القانون الجديد الأجير من تسجيل نفسه في صورة رفض المؤجر القيام بواجبه. ومن ناحية أخرى أصبح بإمكان العاملة المنزلية ” الانتفاع عند الولادة بعطلة راحة خالصة الأجر وفقا للتشريع الجاري به العمل” في حين أن هذا التشريع أي قانون مارس 2002 لا يتضمن إسناد منحة وضع.

ونتيجة للنقائص المذكورة تبدو حظوظ تطبيق هذا القانون ضئيلة كما أن آليات مراقبته محدودة نظرا إلى أن متفقدي الشغل ومراقبي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لا يمكن لهم الدخول إلى مقرات العمل إلا بموافقة المؤجر الذي تقتصر العقوبة المسلطة عليه في صورة الرفض على خطية بألف دينار. ولم يتضمن القانون إمكانية المطالبة بإذن من وكيل الجمهورية لمراقبة ظروف العمل المنزلي. كذلك لم توجد مبادرات من الهياكل المعنية لتدارك الوضع مثل القيام بحملات توعية لدى المؤجرين والأجراء لحثهم على الانخراط خاصة أن مبالغ الاشتراكات لا تتجاوز 20 دينارا عن كل شهر يتحملها المؤجر والأجير.

لقد كان من الأجدى الاكتفاء بتنقيح القوانين الموجودة بتدارك الأحكام التي تعذر تطبيقها. وقد يكون الهدف من تخصيص قانون للعمل المنزلي الظهور أمام الرأي العام الدولي في انسجام مع الاتفاقيات الدولية وتحديدا اتفاقية حقوق عمال المنازل رقم 189 لعام 2011 الصادرة عن منظمة العمل الدولية رغم أن تونس لم تصادق عليها بعد ومع التوصية رقم 201. وفي كل الحالات فإن دخول القانون حيز التطبيق بعد ستة أشهر من صدوره يمثل فرصة لتدارك نقائصه وللقيام بحملات للتعريف به وتوفير ظروف نجاح تطبيقه.

قانون العمل المنزلي بين النص والتطبيق
أنشره