صدر في منتصف شهر نوفمبر 2021 قانون المالية التعديلي لسنة 2021 في محاولة لتدارك الثغرات الكارثية في قانون المالية الأصلي لسنة 2021 التي تركتها منظومة 24 جويلية بعد أن فشلت بل تعمدت الاعتماد على فرضيات خاطئة مثل اعتماد سعر برميل النفط بـ 45 دولارا في حين أنه وصل اليوم إلى 80 دولارا أي بنسبة تكاد تقارب الضعف. فقد حدد قانون المالية التعديلي لسنة 2021 مداخيل ميزانية الدولة بزهاء 4ر34 مليار دينار مقابل 1ر33 مليار دينار في الميزانية الأصلية. أما نفقات ميزانية الدولة فقدرت بـ 2ر44 مليار دينار مقابل 2ر40 مليار دينار في الميزانية الأصلية. وهكذا أصبحت ميزانية الدولة لسنة 2021 بعد صدور قانون المالية التعديلي في حدود 5ر55 مليار دينار مقابل 6ر52 مليار دينار مرسمة في الميزانية الأصلية 2021. وتدل هذه الفوارق على حجم التضليل الذي تضمنه قانون المالية الأصلي.
وأهم ما يلاحظ في توجهات إعداد الميزانية التعديلية اللجوء للسوق المالية الداخلية لتعبئة الموارد حيث ارتفع الاقتراض الداخلي إلى 8.1 مليار دينار بعد أن كان في حدود 5.5 مليار دينار في قانون المالية الأصلي. مقابل ذلك تراجع اللجوء إلى الاقتراض الخارجي مما جعل المدافعين على الرضوخ للمؤسسات المالية العالمية يتباكون على هذا التوجه محذرين من استحالة الخروج إلى الأسواق العالمية ومنزعجين من تأخر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي في حين أنها فرصة للشروع في الانعتاق من سيطرة المؤسسات المالية العالمية التي يشهد تاريخها على ما تقوم به من ابتزاز الدول واستغلال الشعوب.
ولطالما طالبت القوى الوطنية بالقطع مع هذه المؤسسات والاعتماد على الطاقات الذاتية قدر الإمكان مع التوجه إن اقتضت الضرورة إلى بلدان ومؤسسات أخرى تقدم قروضا ومساعدات بشروط ميسّرة ودون فرض أجندات سياسية ونخص بالذكر بلدان البريكس ومنها الصين وروسيا والهند. أما التركيز على أن قانون المالية التعديلي صدر بمقتضى مرسوم لا يقبل الطعن وليس بمقتضى قانون مصادق عليه من قبل مجلس نواب الشعب فهو جدل عقيم مردود على أصحابه فما الذي جناه الشعب من هذا البرلمان ومن الحكومة التي تأتمر بأوامره غير الفقر والبؤس والتفربط في السيادة الوطنية.