بقلم د. بدر السماوي
صدر بجريدة الشروق ضمن الركن الأسبوعي ” نافذة على الوطن” في عدد يوم 13 أوت 2021
لا تقف أهمية أحداث يوم 25 جويلية 2021 في تونس سواء منها الحراك الشعبي الرافض للمنظومة السياسية الحاكمة منذ سنة 2011 وحرق مقرات حركة النهضة أو تجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة على نوابه، لا تقف عند الحدود التونسية بل تتعداها إلى الأقطار العربية بالنظر للروابط التاريخية بينها وبسبب استهدافها من قبل نفس الأعداء. وقد جلب هذا الحدث تعاطفا عربيا شعبيا وعزز محور مقاومة التنظيمات الإرهابية الملتحفة بالإسلام. وتستوقفنا تحديدا في هذا الصدد مواقف العرب الشرفاء من مشرق الوطن الذين تابعوا وتفاعلوا واستشرفوا ونصحوا.
فقد كتبت الدكتورة بثينة شعبان المستشارة الخاصة للرئاسة السورية مقالا تحت عنوان ” أول الغيث” أوضحت فيه أن ما تعرّضت له المنطقة في العقود السبعة الماضية يعود إلى التواطؤ المحكم بين الكيان الصهيوني وحركة الإخوان المسلمين مع دعم مباشر وغير مباشر من الدول الغربية. واعتبر المحلل السياسي اللبناني ناصر قنديل أنه لا يمكن فصل الواقع التونسي عن واقع الجغرافيا السياسية المحيطة بتونس من جهة ليبيا ومسارات الحرب فيها أو جهة المغرب ومسارات التطبيع فيه أو جهة الجزائر والأطماع الدولية لتطويعها.
واتفقت أغلب التحاليل على تحميل المسؤولية في تردي الأوضاع في تونس إلى حركة النهضة ذلك أن سجلها حسب الدكتور بسام أبو عبد الله الخبير في العلاقات الدولية به ما يكفي لوصفها بالتنظيم الإرهابي بالنظر إلى مسؤوليتها عن اغتيال قادة ورموز نضالية وطنية في تونس وتصديرها الإرهاب إلى سورية ووقوفها مع التدخل التركي في ليبيا مستنتجا أن أحداث تونس الأخيرة مؤشر على سقوط واضح لجماعة الإخوان المسلمين. وفي نفس الاتجاه اعتبر المحلل السياسي ميخائيل عوض أن سقوط الإخوان في تونس يمثل سقوط أخر أوراق التين عن عورات الإخوان المسلمين وهو بمثابة الضربة القاتلة لتنظيمهم الدولي وستكون له تداعيات على مستوى المنطقة في ليبيا مثلاً ولاحقاً رأس الأفعى في تركيا فقد سقطوا في مصر ولم يدم حكمهم سنة واحدة وانكشفوا في سورية وسقطوا في السودان وتأتي ضربة تونس مؤلمة لهم وسقوط لا نهوض بعده. وعبر الكاتب نارام سرجون عن أمله في أن تخلو سماء تونس من هذه السحابة الملوثة التي سميت الإخوان المسلمين وأن تكون العاصفة التونسية التي جرفتها بداية لانحسار هذا الزمن الرديء.
وإلى جانب الإجماع على أهمية ضرب الإخوان المسلمين في تونس وتداعياته على أوضاعهم في أقطار أخرى نبه المحللون إلى أن الحديث على انتهاء دورهم في تونس أمر مبالغ فيه حسب الدكتور بسام أبو عبد الله خاصة أنهم جزء من شبكة عالمية لقوى هيمنة ومال ونفوذ فضلا على الشبكات المحلية التي تغلغلوا فبها. فالإخوان المسلمون مثلما كتب المحلل ميخائيل عوض يأخذون السلطة بالصناديق والانتخابات ولا يتركونها إلا بالدماء والحروب والتدمير محذرا من أن تنظيم الإخوان قد يسعى إلى بناء قوة وحشد مرتزقة بعد سقوط حركة النهضة التي قد ترد قاعدتها المهزومة وحلفاؤها الفعل بأعمال إرهاب وتخريب.
إن أهمية هذه قراءات أشقائنا في المشرق العربي لحدث 25 جويلية وارتداداته بما اشتمل عليه من ترحيب وتخوف في الآن نفسه تعكس وعيا سياسيا عميقا لما يمثله الإخوان المسلمون من خطر على الأمة ويلخص تجربة مرة دفعوا ثمنها تضحيات كبيرة ويعطي دروسا حول أسباب الانتصار عليهم. فهل ستشكّل تونس مثلما تساءلت الدكتورة بثينة شعبان ” أوّل الغيث للعودة إلى المرجعيات السليمة بعد دفن كلّ محاولات التضليل المشبوهة التي اشترك بها كلّ أعداء هذه الأمة”؟ ذلك ما يجب على القوى الوطنية أن تحكم التعاطي معه سواء في تونس أو على مستوى الوطن العربي.