
“أيها الراحل العزيز لا نريد اليوم أن نرثيك لأن الرثاء للأموات وأنت مازلت بيننا وستبقى بذكراك وآثارك ومآثرك إلى الأبد على قيد الحياة” بهذه الكلمات أبّن عبد العزيز بوتفليقة سنة 1979 الرئيس الراحل هواري بومدين وها هو اليوم يرحل دون أن يجد من يعطيه حقه بكلمات رغم مواقفه وإنجازاته التي لا يمكن أن تمحوها أيام حكمه الأخيرة وما شابها من سلبيات واستغلال حاشية المافيا لمرضه.
انخرط عبد العزيز بوتفليقة في جبهة التحرير الوطني الجزائرية سنة 1956 عن سن تناهز 19 سنة وعينه الرئيس هواري بومدين بعد الاستقلال وزيرا للخارجية فنجح في وقوف الجزائر إلى جانب قوى التحرر في العالم والتحالف مع القوى الثورية والتقدمية في العالم. وبعد العشرية السوداء التي أحرقت الجزائر لبى نداء الوطن ليتولى الرئاسة في 1999 فبدأ بتطوير “قانون المصالحة” الذي أدى إلى نزول آلاف الإرهابيين المسلحين من الجبال وتسوية أوضاعهم.
وعلى المستوى الاقتصادي تراجعت مديونية البلاد وتم تعزيز الأمن الغذائي وإلغاء ديون الفلاحين وتشييد عشرات السدود ومحطات تحلية المياه وتوزيع ملايين الوحدات السكنية وتحديث النقل البري والجوي والبحري واعتماد بطاقة الشفاء في العلاج .
وفي مستوى دور الجزائر الإقليمي عمل بوتفليقة على دعم وحدة المغرب العربي واستقلاله فكان يقول: أنا أؤمن بالمغرب العربي الواحد ولكن لا أؤمن بمغرب عربي يكون بقرة حلوبا لأوروبا. وحافظت الجزائر في عهده على موقفها الوطني المتجذر الداعم للقضية الفلسطينية والرافض للتطبيع. كما نجح الفقيد في إنقاذ بلاده من مؤامرة الربيع العربي فقام بتطهير الجيش من بعض أنصار فرنسا معتمدا على الراحل “ڨايد صالح” الذي عرف كيف يستجيب لتحرك الشارع وينقذ البلاد من الفتنة ويؤمن انتقالا سلسا للسلطة. وختاما فقد كان بوتفليقة وفيا لقيم الجوار فكانت الجزائر في عهده دوما إلى جانب تونس حتى في أصعب الفترات.