محور المقاومة زمن طوفان الأقصى:خطوات للمرور إلى السرعة القصوى

بقلم د. بدر السماوي عضو المكتب السياسي لحركة النضال الوطنى – الشروق :21 افريل 2024

تصاعدت منذ انطلاق طوفان الأقصى وتيرة مواجهة الكيان الصهيوني من خارج فلسطين وأصبحت ظاهرة بارزة بصدد تغيير ميزان القوى ليس فقط إقليميا بل حتى دوليا. ولئن يبقى الشرف دائما للمقاومة الفلسطينية في استنهاض الهمم العربية والإسلامية فإن المشهد الحالي لم يكن وليد الصدفة بل نتيجة نضالات تراكمت ونضجت على مدى عقود.

العراق: على خطى صدام

تحوّل العراق اليوم إلى صرخة في وجه القواعد الأمريكية وإلى قاعدة انطلاق الطائرات المسيرة تدكّ الكيان الصهيوني من أم الرشراش (إيلات) إلى حيفا مرورا بالجولان وعسقلان ومطار بن غوريون وغيرها بعد أن خطط الأعداء لاستنزافه بمعارك جانبية ثم احتلاله وجعله قاعدة أمريكية تفصل إيران عن باقي الوطن العربي وعن جبهة المقاومة وقاعدتها سوريا. غير أن الشعب العراقي ظل وفيا للمبادئ التي زرعها فيه القائد الشهيد صدام حسين الذي سجّل له التاريخ أنه أول من قصف تل أبيب من مسافة تتجاوز ألف كلم.

سوريا: وفاء رغم خنجر الإرهاب

لم يكن من السهل على سورية وهي بلد مواجهة الصمود على مدى عقود أمام ما يحاك لها من مؤامرات. فقد تعرضت إلى محاولة تركيع أمريكية بعد غزو العراق ثم كانت عشرية “الربيع الصهيوني” وما ارتكبته العصابات الإرهابية المدعومة من كل إرهابيي العالم بزعامة أمريكا. لكن سوريا رفضت الخضوع للضغوطات الأمريكية وواجهت المؤامرة التركية وسحقت جحافل الإرهابيين وتحملت بصبر تبعات قانون قيصر الاقتصادية وظلت عمودا من أعمدة محور المقاومة تحتضن قواه المقاتلة وتوفر له التدريب وتمدّه بالسلاح مما جعلها عرضة بصفة متكررة للاعتداءات الصهيونية.

لبنان: مسمار في نعش العدو

كان مخطط الأعداء في بداية الثمانينات من القرن الماضي عبر غزو لبنان إنهاء الوجود الفلسطيني فيه حتى نشأت مقاومة باسلة تشرّبت من معين النضال المشترك الفلسطيني اللبناني ففرضت انسحابا مذلّا للعدو الصهيوني عام 2000 وحوّلت حرب 2006 إلى هزيمة جديدة له. لذلك ليس من الصدفة أن تخوض المقاومة اليوم بقيادة حزب الله حرب استنزاف للكيان الغاصب مُلحقة به خسائر كبيرة لم يتلقّ مثيلا لها منذ 1948 ومقدّمة منذ السابع من أكتوبر أكثر من مائتي شهيد.

اليمن: إصابة العدو في مقتل

كان اليمن مهدّدا بإلحاقه بالربيع الصهيوني وتسليمه لحكم الأخوان في إطار خطة الحزب الديمقراطي في أمريكا أوباما- بايدن – هيلاري كلنتون ثم كان مخطط الرمي به في مستنقع الحرب الأهلية والاقتتال لو لا انبثاق مقاومة وطنية صادقة عرفت كيف تُنقذ بلادها أو على الأقل جزءا كبيرا منه وتحوّله إلى قاعدة في خدمة الأمة وتجعله قدوة في تكريس شعار قومية المعركة ضد العدو الصهيوني وإصابته في مقتل سواء من خلال قصف مواقعه داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة أو من خلال الحصار البحري الذي فرضه عليه.

إيران: عندما يزمجر الأسد

بدأ المنعرج منذ سنة 1979 عندما حوّلت الثورة سفارة الكيان الصهيوني إلى سفارة فلسطين ومنذ ذلك التاريخ ما انفكت إيران تلعب دورا في دعم القضية الفلسطينية وكل قوى المقاومة. ومن ناحية أخرى أصبحت إيران قوة إقليمية يخشاها الكيان الصهيوني وتقرأ لها القوى الاستعمارية ألف حساب وتتجنّب الاحتكاك بها. لكن قرار نتانياهو قصف القنصلية الإيرانية في دمشق بما أدى إلى استشهاد ضباط وأعوان فضلا على جرائم أخرى قبلها مثل اغتيال القائد قاسم سليماني دفع إيران إلى الرد في الحد الأدنى في انتظار ردود أكثر قوة مع مواصلة دعم قوى المقاومة في المنطقة كلها.

تونس: في محور المقاومة

قد تبدو إضافة تونس إلى محور المقاومة مبالغا فيه. لكن الماضي والحاضر يشهدان بصحة هذا التصنيف. فقد تعرضت تونس إلى اعتداءات مباشرة من الصهاينة منها العدوان على حمام الشط سنة 1985 واغتيال القائد أبو جهاد في قمرت سنة 1988 واغتيال المهندس محمد الزواري في صفاقس سنة 2016 مما حولها إلى بلد مواجهة. وفي المقابل تطوع التونسيين على مدى عدة عقود واستشهد المئات منهم على أرض فلسطين وشارك الجيش التونسي في حرب أكتوبر 1973. وثابرت القوى الوطنية من أحزاب ومنظمات على وضع فلسطين محورا قارا في نضالاتها فنظمت التظاهرات والاحتجاجات دعما لفلسطين وجمعت التبرعات واستقبلت أبطالها واحتضنت أبنائها دون كلل وكأنّ فلسطين على حدودها.

واجباتنا نحو فلسطين

يعزز اليوم الموقف الوطني للرئيس قيس سعيد الموقف الشعبي الراسخ والمتجذر بتأكيده على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على كل التراب الفلسطيني وعاصمتها القدس مما يجعل بلادنا فعلا ضمن محور المقاومة ويُحمّلنا مسؤولية مواصلة المسيرة على طريق تحرير فلسطين. ويستوجب هذا الموقع وحدة كل القوى ووضعها فلسطين قضية تناضل من أجلها وليس مطية لتصفية حسابات سياسية مع سلطة برهنت وطنيتها الصادقة والكف عن التشكيك في المقاومة وتصويرها بأنها مسرحية أو المزايدة عليها برفع شعارات براقة جلوسا على أرائك مريحة.

محور المقاومة زمن طوفان الأقصى:خطوات للمرور إلى السرعة القصوى
أنشره