بقلم: د. بدر السماوي صدر بجريدة الشروق بتاريخ 29 أفريل 2023
كان المسلسل الرمضاني المصري “الكتيبة 101” تحفة فنية وسياسية وعسكرية تدعم خط المسلسلات ذات التوجه الوطني على غرار “الاختيار 1” و “الاختيار 2” بمساعدة قسم الدعم المعنوي في القوات المسلحة المصرية حيث صوّر ما عانته مصر وعدة دول عربية من مخطط الإرهاب المدعوم دوليا. وقد كتبه إياد صالح وأخرجه محمد سلامة وأنتجته شركة سينرجي وشارك فيه عدم نجوم من بينهم آسر ياسين وعمرو يوسف.
“الكتيبة 101” قصة حقيقية لفرقة من القوات الخاصة المصرية تم تركيز قاعدتها في سيناء لمواجهة التنظيمات التكفيرية التي فرّخت هناك… مسلسل يرسم ما عانته هذه المنطقة سنة 2015 من اعتداءات وجرائم الإرهابيين المجلوبين من كل مكان، يستولون على قوت الناس ويُكفّرونهم ويُعدمونهم ويقطعون الطرق ويتفننون في استهداف قوات الأمن والجيش ليخلو لهم الطريق لإقامة إمارة دموية تضاف لما ارتكبوه من جرائم في العراق وسوريا وليبيا وفي الشعانبي وبن قردان.
وكانت لحظة الصفر التي انفلت فيها هؤلاء المجرمون من مخابئهم ليهاجموا نقاط الجيش في سيناء وعلى رأسها “الكتيبة 101” وليعلنوا في الوقت نفسه إقامة إمارة داعش في مدينة الشيخ زويد في سيناء بعد زحف عارم عليها. لكن ردّ الجيش المصري الصاعق لم يتجاوز بضع ساعات، فذهبت إمارتهم هباء منثورا، بفعل شجاعة أبطال القوات المسلحة المصرية وكفاءتهم وانخراط أهالي سيناء إلى جانبهم كما فعلوا إبان الاحتلال الصهيوني لسيناء وكما فعل أهلنا وجيشنا وأمننا في بنقردان عند التصدي لأمثالهم سنة 2016.
إنه مسلسل راق فنيّا سُخّرت له وسائل تقنية عالية وخاصة تصوير مشاهد المعارك، وكأنك تعيشها، فقدّم عدة دروس وقيم تصلح لكل بلداننا التي عاشت محنة مماثلة. فقد فضح زيف الدين المحرّف لهؤلاء الإرهابيين الذين اقتطعوا منه القتل والغنائم والاستعباد في مواجهة عموم الشعب ورجال الجيش المؤمنين حقا بسماحة الدين الذي أرشدهم للدفاع عن الوطن وتقديم أرواحهم على أكفهم فداء لوطنهم ولشعبهم. وكشف أيضا جريمة اغتصاب براءة الأطفال وتربينهم بدل ذلك على الحقد والقتل والبغض واستعمالهم دروعا بشرية. لكن الجيش حرّر هؤلاء الأطفال وزرع فيهم القيم الأصلية والأخلاق النبيلة.ومن ناحية أخرى أدان المسلسل التحالف القذر بين المافيات في سيناء التي كانت تدير شبكات التهريب والاتجار بالبشر وبين الإرهابيين حيث تداخلت مصالحهم وأعمالهم فتحوّل المهربون إلى العمل في تهريب الأسلحة والإرهابيين بل والانخراط في الأعمال الإرهابية مباشرة. كما فضح القوى الأجنبية من استعمار وصهيونية التي كانت تدير خيوط الإرهاب من وراء الستار لتخريب الأوطان.
وهكذا يذكرنا مسلسل “الكتيبة 101” بما حصل في تونس من زرع الإرهابيين وارتكاب جرائم القتل ويعيد إلى أذهاننا دور الفاسدين والمفسدين في حمايتهم والتغطية عليهم بل وتبرير أعمالهم مثلما يوقظ فينا النخوة بالاعتزاز ببطولات المؤسستين العسكرية والأمنية وتضحياتهما في مواجهة هذه القوى المعادية للشعب والوطن وتخليصنا منهم. فإذا كان إسقاط حكم الإخوان في مصر هو المنعرج الذي أنقذ البلاد من التفكك والانهيار وإذا كان انتصار الجيش العربي السوري على عصابات الإرهاب في سورية نقطة تحول كبرى في إفشال المؤامرة على سورية وعلى الوطن العربي فإنّ تحوّل 25 جويلية كان تتويجا لنضالات القوى الوطنية في تونس ضد الإرهاب وبداية الضربة لفرع حركة الإخوان الممثلة أساسا في حركة النهضة وخطوة حاسمة في إنقاذ بلادنا من الانقسام والحرب الأهلية. وختاما وبقدر الإشادة بمجموعة الأعمال الفنية الرائعة التي أنتجتها الدراما المصرية خلال السنوات الأخيرة بقدر ما نتطلع في تونس إلى أهل الميدان ليتحفونا بمسلسلات أو بأفلام تخلد بطولات وملاحم الشعب والجيش والأمن في مواجهة الإرهاب وهي كثيرة حتى تساهم هذه الأعمال في التأثير والإقناع وتدعم معركة التحرر الوطني التي نخوضها فضلا على دورها في كتابة التاريخ وتوثيقه.