
ليس من قبيل الصدفة أن ينطلق بناء سد النهضة الأثيوبي في 2011 مع انطلاق الربيع العبري مستغلا حالة الفوضى الخلاقة وما انجر عنها من استنزاف الدول. فأثيوبيا التي بها 12 نهرا دوليا و 40 نهرا داخليا و 6 بحيرات ولها سدود تغطي حاجياتها من الطاقة مثلت دوما أداة أمريكية لمحاصرة الأمة العربية. كما أنها رفضت اتفاقيات لتنظيم تدفق مياه النيل الذي يضخ 450 مليار متر مكعب يصل منها إلى مصر والسودان 77 مليار منها 55.5 مليار متر مكعب لمصر.
ولعل من بين أسباب لجوء أعداء الأمة إلى معاقبة مصر بهذه الطريقة القذرة دورها في توجيه ضربة قاصمة للربيع الأمريكي بإسقاط حكم الإخوان الذين راهنت عليهم إدارة أوباما للتحكم في الأمة العربية والاستحواذ على خيراتها وإشاعة الفوضى والفتنة وتوسيع التطبيع مع الكيان الصهيوني. ومما زاد في حقدهم الدفين نجاح النظام المصري في البناء الاستراتيجي بالاعتماد على قدرات وطنية خلاقة وسط انهيار منظومات العمالة والخيانة والتبعية على كل المستويات . فمصر بصدد تشييد ثلاث مفاعلات نووية وبناء خط قطار سريع يربط بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط واستصلاح مليون فدان جديد للزراعة وتستعد لاسترجاع المرتبة الأولى في إنتاج القطن وتصنيعه وتقوم بإنشاء مدن جديدة بأكملها على طراز عصري وتواصل إبداعها الفكري والحضاري والثقافي والسينمائي.
ولمواجهة هذه المؤامرة الجديدة المعتمدة على التجويع والتعطيش بعد فشل الحرب الناعمة يبقى على مصر الاعتماد على طاقاتها الذاتية أساسا وتطوير علاقاتها مع محور الشرق الروسي-الصيني وإعادة علاقاتها مع النظام الوطني في سوريا والقوى الوطنية في المنطقة للنهوض بالأمة وأخذها إلى مكان مشرف بين الأمم والقطع النهائي مع التطبيع والتخلى عن عداء إيران. وقد استفادت بلادنا بهذا التوجه مؤخرا فمثلت زيارة الرئيس قيس سعيد إلى مصر ضربة في الصميم لحركة الإخوان وخطوة إيجابية لتمكين تونس من عمق استراتيجي.