
يخوض الدكاترة الباحثون نضالا منذ سنوات من أجل حقهم في الشغل سواء بتكليفهم بالتدريس أو إلحاقهم بمخابر ومراكز البحث في مختلف الميادين وذلك تتويجا لسنوات طويلة من الكد والجد ولتأمين مورد رزق كريم لهم وفسح المجال أمامهم للمساهمة الفعالة في بناء صرح هذا الوطن العزيز الذي جبلوا على حبه.
لكن الحكومات المتعاقبة قابلت طموحهم بالتجاهل والتهميش مما اضطرهم إلى تنظيم اعتصام منذ سبعة أشهر بمقر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ثم دخل بعضهم في إضراب جوع مما أصبح يهدد حياتهم. وقد بذل الدكاترة الباحثون جهودا من أجل تقديم تصورات وحلول لانتدابهم منها التخلي عن الساعات الإضافية للأساتذة المباشرين حاليا وتعيين بعضهم في مخابر البحث الموجودة في عدة وزارات.
وقد كشف تعنت الحكومة على سلوك غير مسؤول يعكس غياب تصور مستقبلي أو مشروع إستراتيجي للرقي بالبلاد وتحقيق النهضة العلمية والاكتفاء الذاتي عبر تثمين الموارد المحلية والطاقة الكامنة بالشباب باعتبارها تمثل الوقود الحيوي لتقدم الأمم ورقيها بل تبين أن هناك خطة ممنهجة لاستهداف التعليم العمومي والتفويت فيه لجامعات أجنبية.
إن هذا التهميش بصدد إفراغ الوطن من كفاءاته العلمية والمعرفية والبحثية ومن اليد العاملة المختصة وتدفع بهم نحو الهجرة وبيع أدمغتهم للأجانب. وقد شهدت تونس في السنوات الأخيرة حركة هجرة واسعة في صفوف الدكاترة الباحثين وصلت إلى قرابة 3500 ومثلهم مازال عرضة للبطالة ولأشكال التشغيل الهشة.
لقد مثلت قضية الدكاترة الباحثين إحدى اهتمامات مناضلي حركة النضال الوطني فواكبوا تحركاتهم ودعموهم وساهموا في التعريف بقضيتهم بما يعكس وعيا بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم من أجل التركيم على جميع الأصعدة وفي شتى المجالات وخاصة منها البحث العلمي بصفته إحدى مقومات السيادة الوطنية.