من أجل علاج مرض الصندوق الوطني للتأمين على المرض

بقلم د. بدر السماوي – الشروق : 17 جوان 2022 – ” نافذة على الوطن”

تمضي يوم الخامس عشر من هذا الشهر خمس سنوات على صدور القانون المتعلق بتحويل المساهمات المقتطعة بعنوان نظام التأمين إلى الصندوق الوطني للتأمين على المرض دون تأخير حتى يتولى الوفاء بالتزاماته تجاه المنخرطين ومقدمي الخدمات. ورغم ذلك ما زال هذا الإجراء يشكو من ضعف التطبيق من جانب صندوقي التقاعد والحيطة الاجتماعية والضمان الاجتماعي مما جعل الصندوق الوطني للتأمين على المرض يعاني من نقص السيولة المالية التي ارتفعت إلى 6983 م د حتى 31 مارس 2022.

فقد ألزم القانون الصادر في 15 جوان 2017 الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية على إحالة اشتراكات المنتفعين بجرايات المنتمين للقطاع العمومي إلى الصندوق الوطني للتامين على المرض بالتزامن مع صرف الجرايات. كما ألزم الدولة بصفتها مؤجرا على تحويل اشتراكات الأعوان النشطين مباشرة إلى الصندوق الوطني للتأمين على المرض. إلا أن عدم الالتزام بما نص عليه القانون جعل مستحقات الصندوق الوطني للتأمين على المرض غير المدفوعة تصل إلى 1819 م د. أما بالنسبة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي فلئن أقر نفس القانون إحالة الاشتراكات بعنوان أنظمة التأمين على المرض والتأمينات الاجتماعية وحوادث الشغل والأمراض المهنية في آجالها أي مباشرة عند استخلاصها إلى الصندوق الوطني للتأمين على المرض إلا أنه لم يواظب على ذلك مما جعل المستحقات ترتفع إلى 5164 م د. وبناء على هذه التراكمات لم يعد الصندوق الوطني للتأمين على المرض قادرا على دفع مستحقات مقدمي الخدمات الصحية التي ارتفعت إلى 2437 م د إلى حدود 31 مارس 2022 منها 1858 م د لفائدة القطاع العام للصحة و579 م د لفائدة القطاع الخاص للصحة.

ولئن تمكن الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية من التقليص من عجزه المالي في السنوات الأخيرة بفضل الترفيع في المساهمات بثلاثة في المائة وتأخير سن التقاعد إلى 62 سنة بمقتضى قانون أفريل 2019 والحصول على كامل المساهمة الاجتماعية التضامنية فإن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يعاني من تفاقم عجزه المالي بنسق سريع بسبب التأخر في إصلاح أنظمة التقاعد التي يتصرف فيها والتي تستحوذ على أكثر من 90 بالمائة من نفقاته وبسبب عدم تحويل منابه من المساهمة الاجتماعية التضامنية منذ إحداثها.

إن علاج مرض الصندوق الوطني للتأمين على المرض المتمثل في نقص السيولة المالية يمر عبر علاج أمراض الصندوقين الآخرين وخاصة أنظمة التقاعد بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. ويمكن أن يكون العلاج بالنسج على منوال القطاع العمومي في تحويل الاشتراكات وذلك باعتماد دفعها مباشرة من قبل المؤسسات المنخرطة بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بعنوان أنظمة التأمين على المرض والتأمينات الاجتماعية وحوادث الشغل والأمراض المهنية إلى الصندوق الوطني للتامين على المرض على أن تتم العملية بصفة تدريجية بالبدء مثلا بالمؤسسات العمومية والمؤسسات التابعة للقطاع البنكي وقطاع التأمين وقطاع النفط والكيمياء والمساحات الكبرى.

كما أن توزيع المساهمة الاجتماعية التضامنية بطريقة عادلة على الصناديق الاجتماعية من شأنه أن يساهم في توفير السيولة إذا ما تم ضبط معايير توزيع عائداتها على الصناديق الاجتماعية وإصدار قرار وزير الشؤون الاجتماعية في الغرض مثلما نص عليه قانون المالية لسنة 2022. وعلاوة على ذلك لا بد من مواصلة مجهود تحسين توازنات الصندوق الوطني للتأمين على المرض الذي ما انفك يسجل نتائج إيجابية من أجل تحسين جودة الخدمات وذلك عبر تنويع مصادر التمويل. ومن بين المقترحات في هذا الصدد إقرار ضريبة على بعض المواد التي لها صلة بالتلوث الصحي وإحداث مساهمة من المؤسسات المصنعة للمواد الطبية التي ارتفع حجم نشاطها واستفادت من نظام التأمين على المرض.

من أجل علاج مرض الصندوق الوطني للتأمين على المرض
أنشره