صوت الوطن: العدد (76) – أفريل 2024
يشهد العالم منذ سنوات تحولات عميقة تتميز بتقهقر الهيمنة الامبريالية أمام تصاعد نضالات الأمم المضطهدة من ناحية والتنامي المطرد لكفاح شعوب البلدان الامبريالية ضد غطرسة حكوماتها من ناحية ثانية. ونشهد بالتوازي احتدادا للصراع بين القوى الامبريالية للسيطرة على مناطق النفوذ والثروات.
مرحلة تحرّر وطني
أثبت طوفان الأقصى أن التحرّر الوطني قضيّة لها بعد دُولي وأنها مركز نضال شعوب العالم وأممه المضطهدة وأنّ مناطق آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية وخصوصا الوطن العربي تمثل نقطة التقاء التناقضات العالمية حاليا وأن الاتجاه العام لعصرنا هو الثورة التحريرية الوطنية. كما فند الطوفان مقولة “الانتقال الديمقراطي” التي حاولت عبثا طمس النضال التحرّري الوطني وتهميشه. فلا “انتقال ديمقراطي” بل “معركة تحرر وطني”.
مظاهر التناقض المختلفة
تمثل الولايات المتحدة الأمريكية والحركة الصّهيونية العالمية والدول الإمبريالية الغربية اليوم الأعداء الرئيسيين لشعوب العالم وأممه المضطهَدة. أما روسيا والصين فبقدر ما تعيشان صراعا مع الولايات المتحدة والحلف الأطلسي بقدر ما هما على استعداد للتضحية بمصالح الشعوب. وتجلى ذلك في موقفهما من ملحمة غزّة حيث دافعا عن “حل الدولتين” بما يعني الاعتراف بالكيان الصهيوني بل ودعمه. فقد زار الرئيس الصيني واشنطن والتقى مع بايدن حين كانت غزة تحت القصف بينما اعتبر وزير الخارجية الروسي أنّ ما يحدث في غزّة سيؤدّي إلى بروز قوى “متطرّفة” ويقصد المقاومة علاوة على تزويد روسيا الكيان الصهيوني بالمواد الغذائية.
المستقبل للحرية والنصر
ضاقت شعوب العالم المضطهَدة ذرعا بالصهيونية العالمية وبالطُغُم الحاكمة في الدول الإمبريالية فرفضت تحميلها نتائج أزمتها ووَعَتْ أنّ تحرّرها مرتبط بتحرّر فلسطين بعد أن لاحظت وقوف أنظمة الاستعمار بشكل هستيري وغير مسبوق إلى جانب الكيان الصهيوني في جرائمه بما في ذلك حرب الإبادة. إن الوضع ما بعد طوفان الأقصى بصدد فتح المجال لمشهد دولي جديد تتحكم فيه القوى المناهضة للصّهيونية وللإمبريالية الأمريكية وفي مقدمتها المقاومة الفلسطينية التي تمهد الطريق نحو منظومة أممية عادلة ومتحررة تعترف بحق الشعوب في تقرير مصيرها.