اعتادت الامبرياليات أن تتدخل في الشؤون الداخلية خاصة في المنطقة العربية وتتدخل بلبوس ثوب المدافع عن حقوق الإنسان والحريات وقد عمدت الإمبريالية الأمريكية تعقيبا على ما يجري في تونس التصريح على لسان وزيرة خارجيتها “أن أمريكا ليست طرفا في الصراع في تونس وأنها حاليا ليست على اتصال بالسلطة في تونس” وهي تقصد – عكس التصريح – أنها طرف في الصراع وقد سبق أن طالبت أمريكا تونس بالسماح باستخدام المواقع الألكترونية والتي تسميها “اجتماعية” (على غرار الفايس بوك وغيرها) و أن تضمن “حرية التعبير” . وتدخـّـل الاتحاد الأوروبي هو الآخر وطالب بـ “إطلاق سراح المعتقلين فورا” ثم تصريح الأمين العام للأمم المتحدة وهو صدى ما تنطق به أمريكا والذي عبر عن “قلقه من الوضع في تونس” فضلا عن تدخلات منظمات “حقوق الإنسان” كـ”أمنستي” و”الرابطة العالمية لحقوق الإنسان” التابعة للحزب الاشتراكي الفرنسي المتصهين والتي   تطالب النظام التونسي بـ”الكف عن القتل”. فلماذا لا نسمع لهذه المنظمات صوتا عندما يتعلق الأمر بقتل الصهاينة للعرب في غزة أو في جنوب لبنان أو في العراق. 

الإمبريالية الأمريكية التي تزعم أنها “الصديق الصدوق لتونس” تنصلت بصفة كاملة مما يقع في تونس وهذه لعمري من طبائع الغدر والخيانة  التي تتصف بها السياسة الأمريكية، والإمبريالية الأمريكية على عكس ما تدعيه فهي تتدخل  وهي من أشرس أعداء تونس والعرب وهي حاملة شعار “الفوضى الخلاقة” ، هذه السياسة المنتهجة التي بلغت ذروتها في العراق حينما  اجتاحته واحتلته وعمدت  إلى تمزيقه إربا إربا و حرقت كل مؤسساته وسرقت ثروته وأمواله ووصل الأمر بها إلى سرقة متاحفه وشواهد تاريخه واغتالت زعيمه الوطني صدام حسين صبيحة عـيد إضحى بحجة أنه “ديكتاتور”. 

أمريكا هذه تضمر لنا الشر وقد تدخلت الآن بالأشكال المشار إليها سالفا في الأحداث التي تشهدها بلادنا، وهذه هي البداية والأيام المقبلة ستكشف عما هو أسوأ، هذه السياسة الإمبريالية دأبت عليها أمريكا منذ أمد طويل  في الوطن العربي وفي العالم تبحث عن الانقسامات داخل كل أقطار الوطن العربي وتستند إلى قوى داخلية تحقق أهدافها وتقوم هذه القوى بدورها بالاستنجاد بها لتحقيق مآربها وأطماعها في داخل الأقطار، والمفروض أن جهود هذه القوى تستند للجماهير وتعمد للوحدة الوطنية الداخلية لبناء جدار صد ضد أطماع القوى الإمبريالية في كل قطر وعلى مستوى الوطن العربي وتعالج المشاكل الداخلية في إطار الطمأنينة والوئام.

والإمبريالية تصر على إضعاف الصف الداخلي في كل قطر حتى تجد الطريق سالكا لأطماعها، وحتى تكـَرّس واقع الفتنة والتقسيم على مستوى كل قطر وعلى مستوى الوطن العربي ككل منعا لانعتاقه وتحرير أراضيه المغتصبة وتحرير فلسطين. 

 والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هل نحصل على الحقوق والانعتاق بإحراق النفس والمؤسسات والسلب والنهب وتغذية كل الأحقاد الفردية والجهوية والطمع في الكراسي.

إننا مطالبون بإيقاف هذا التيار والدخول في حوار بناء بين كل القوى السياسية والاجتماعية ووضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.

فالاستهداف الحقيقي هو استهداف الأعداء الإمبرياليين والصهاينة لنا كلنا سلطة ومعارضة واستهداف وطننا وأمتنا ومقدساتنا. 

إن التسلح بالروح الوطنية في هذه الفترة هو أقوى سلاح ضد أعدائنا الحقيقيين وإننا مطالبون بالتعبير عن حبنا الخالص لتونس وأننا لا نرضى حرقها ولا نقدمها على طبق من ذهب للأعداء.

تونس في 11 جانفي 2011

لجنة إنقاذ الوطن

نداء الوطن
أنشره