
بقلم د. بدر السماوي – الشروق : 27 ماي 2022 – ” نافذة على الوطن”
انتظمت بتونس يومي 24 و25 ماي 2022 ندوة فنية حول أنظمة الضمان الاجتماعي في بلدان المغرب العربي وذلك بمناسبة فتح مكتب الارتباط للجمعية الدولية للضمان الاجتماعي لمنطقة شمال افريقيا للفترة النيابية 2022-2025 والذي سيمكن من تدعيم قدرات مؤسسات الضمان الاجتماعي وتبادل الخبرات وتعزيز العلاقات بين دول المنطقة التي يبلغ مجموع عدد سكانها اليوم 100 مليون. وشارك في الندوة التي نالني شرف حضورها مسؤولون وخبراء من ليبيا والجزائر والمغرب وموريتانيا وتونس وتناولت مواضيع هامة تشترك البلدان المغاربية في مواجهة تحدياتها وفي البحث عن حلول لها على غرار أنظمة التقاعد والتأمين على البطالة والتأمين على المرض. وتبين من خلال المداخلات وجود تشابه في عدة مجالات مثل الصعوبات المالية التي تمر بها أنظمة الضمان الاجتماعي بصفة عامة وأنظمة التقاعد بصفة خاصة. وواجهت البلدان الخمسة جائحة الكوفيد بنفس الطرق سواء على مستوى التوقي أو العلاج. وتسعى البلدان الخمسة إلى استيعاب القطاع غير المنظم حتى ينتفع العاملون فيه بالحماية الاجتماعية. وفي المقابل لوحظت اختلافات بين البلدان في بعض المنافع الاجتماعية قد يكون من المفيد التعريف بها لتوفير الفرصة للقيام بمقارنات والايحاء بمقترحات لإصلاحها عند الاقتضاء.
ومن بين أكثر المنافع التي تثير الاهتمام جرايات التقاعد بداية من سن الإحالة. ففي تونس يبلغ سن الإحالة 62 في القطاع العمومي ويرتفع إلى 63 في كل من المغرب وموريتانيا ويصل إلى 65 في ليبيا. ويمكن التمديد بصفة اختيارية في تونس إلى 65 أما في ليبيا فيمكن التمديد إلى 70 على شرط توفر اللياقة الصحية. وتوجد فوارق في سن التقاعد بين القطاعين العمومي والخاص في بعض البلدان، ففي تونس يبلغ سن التقاعد 62 في القطاع العمومي و60 في القطاع الخاص وفي المغرب يبلغ 63 في القطاع العمومي و60 في القطاع الخاص. ويوجد أيضا اختلاف بين الذكور والإناث في سن الإحالة. ففي الجزائر يحال الرجل في سن 60 بينما المرأة في سن 55، أما في تونس والمغرب فيحال الرجل والمرأة على التقاعد في نفس السن. وفي موريتانيا تم توحيد السن بين الرجل والمرأة بعد أن كان مختلفا. وتنتفع البنت التي ليس لها مورد رزق ولا تجب نفقتها على زوجها في الجزائر بجراية اليتيم على غرار ما هو معمول به في تونس. وتتصرف الصناديق الاجتماعية في أنظمة التقاعد في كل البلدان المغاربية إلا أن ما يستحق الذكر في هذا المجال أن مؤسسة صندوق الضمان الاجتماعي في ليبيا كان المؤسسة الوحيدة التي بقيت موحدة ولم تتأثر بوجود حكومتين منذ سنة 2014 إحداهما في الشرق وثانيهما في الغرب مما مكنها من تأمين صرف جرايات التقاعد دون انقطاع رغم الضرر والتدمير الذي لحق 30 فرعا من جملة 76 مكتبا.كما حظي موضوع التأمين على البطالة بالاهتمام نظرا لتداعيات الأزمات الاقتصادية على البلدان المغاربية. وتعتبر الجزائر رائدة في هذا المجال حيث أسست منذ سنة 1994 الصندوق الوطني للتأمين على البطالة الذي يتكفل بالمتوقف عن العمل لأسباب اقتصادية ويُمكنّه من العلاج والمنح العائلية مع اعتبار فترات الانتفاع بمنحة البطالة فترات عمل عند احتساب جراية التقاعد. كما تنفرد الجزائر بتوفير ” منحة الحرارة المرتفعة ” لتعويض أيام العمل التي يتم فيها التوقف بسبب الأخطار الصحية الناتجة عن الارتفاع الكبير لدرجات الحرارة وينتفع بهذه المنحة عمال البناء والأشغال العامة والمحروقات.
ومن بين التوجهات المستقبلية التي تتفق فيها أغلب البلدان الترفيع في الاشتراكات للتخفيف من العجز المالي لأنظمة الضمان الاجتماعي ومواصلة الترفيع في سن الإحالة على التقاعد. وتسعى كل البلدان بكل جهد لإيجاد الوسائل المناسبة لاستيعاب القطاع غير المنظم. وهناك نقاط أخرى مفيدة قد نعود لها في مناسبة قادمة.