وجهة نظر حول المبادرة التشريعية لتشغيل من طالت بطالتهم 

صوت الوطن العدد (69) – الركن البرلماني

تعرضت المبادرة التشريعية التي تقدمت بها إحدى الكتل البرلمانية في نهاية شهر جويلية 2023 حول إدماج من طالت بطالتهم من خريجي التعليم العالي في الوظيفة العمومية والقطاع العام إلى انتقادات عديدة من المعنيين بها. ومن بين الاعتراضات والتي لم تبررها وثيقة شرح الأسباب الواردة في المبادرة التشريعية تحديد السن الدنيا للانتداب بـ 40 سنة ومدة البطالة بعشر سنوات فما أكثر، ووضع شروط إقصائية مثل “عدم الانخراط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بصفة مسترسلة” بما يعني عقاب من حاول خلال بطالته أن يشتغل بصفة ظرفية، وكذلك اشتراط “عدم انتساب القرين للوظيفة العمومية” الذي يتنافى مع مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات الذي نصّ عليه دستور 2022. كما أن شرط عدم الحصول على معرّف جبائي غير عادل حيث اضطر البعض للاقتراض لتمويل مشاريع إلى فتح معرّف جبائي علاوة على أن بعض المشاريع تعثرت ولم يقم أصحابها بخلاص ديونهم الجبائية علما أن إدارة الجباية لا تغلق الملفات إلا بعد تسوية وضعيتها بصفة كاملة.

ولم يُفصح المشروع عن موقفه من القانون عدد 38 لسنة 2020 المتعلق بسنّ أحكام استثنائية للانتداب في القطاع العمومي الذي لم يقع إلغاؤه حتى اليوم. ولم يقدّم تصورا لكيفية تمويل الانتدابات طبقا لما ينص عليه الدستور من أن مقترحات القوانين ومقترحات التنقيح التي يتقدم بها النواب لا تكون مقبولة إذا كان من شأنها الاخلال بالتوازنات المالية للدولة وهي نفس نقطة ضعف القانون عدد 38.

كما واصل المشروع اعتماد المقاربة التي تنظر إلى الوظيفة العمومية والقطاع العام كحلّ وحيد في حين أنّ الأسلم التعامل مع كل القطاعات على أنها تفتح آفاقا بنفس المستوى بل إنّ الدستور ألزم الدولة في الفصل 13 المخصص للعاطلين عن العمل “بتوفير كل الوسائل القانونية والمادية للعاطلين عن العمل لبعث مشاريع تنموية”. أما ما قيل في شرح الأسباب حول الصعوبات الموجودة في التشريعات المتعلقة بالاستثمار فهو نسبي وقابل للتطوير من قبل النواب أنفسهم.

إنّ هذه المبادرة لا تختلف في مضمونها جوهريا على القانون 38 علاوة على تضمّنها أخطاء ذات صبغة قانونية ومن الأفضل سحبها تجنبا لبث الأوهام وحتى لا يُلدغ العاطلون من جُحرٍ مرّتين على أن يعمل النواب بصفة جماعية على صياغة مشروع متكامل يأخذ بعين الاعتبار كل المعطيات بما في ذلك ما ذُكر أعلاه.

وجهة نظر حول المبادرة التشريعية لتشغيل من طالت بطالتهم 
أنشره