لا شك أن قرار رئيس الجمهورية بتجميد عمل مجلس نواب الشعب ورفع الحصانة على النواب وإقالة رئيس الحكومة يمثل خطوة جريئة نحو القضاء على سيطرة حركة النهضة وحلفائها على دواليب الدولة. غير أن معطيات أخرى تؤشر إلى إمكانية عدم الذهاب في هذا المسار حتى نهايته والتوجه نحو التقارب مع جناح آخر من الحركة يقدم نقسه معتدلا خاصة بعد ممارسة بعض الدول ضغوطا على رئيس الجمهورية لفائدة حركة النهضة.

هذا وقد التقى رئيس الجمهورية مؤخرا مع علي العريض عند اجتماعه برؤساء الحكومات السابقين ومع لطفي زيتون مستشار الغنوشي السابق الذي مهد للقاء سعيد مع الغنوشي والتقى سمير ديلو ضمن وفد يضم نوابا من الكتلة الديمقراطية. وتزامنت هذه المصافحات مع هؤلاء مع صراع داخل حركة النهضة بين الرموز القيادية العليا الحالية (الغنوشي، الهاروني، البحيري..) وعناصر من الصف الثاني  (المكي، ديلو، لطفي زيتون..) روج لها الإعلام على أنها معتدلة.

ومن ناحية أخرى شهدت الفترة الأخيرة صراعا حادا بين حركة النهضة وأذرعها وبين الحزب الدستوري الحر الذي تعرضت رئيسته إلى الاعتداء وسحب الحماية الأمنية عنها ومنعها من تنظيم اعتصام في باردو يوم 5 جوان الماضي. وتبدو هذه التصرفات العدوانية ردا على قيام عبير موسي السنة الماضية بفضح اختراق جمعيات أمريكية للبرلمان مما يمس بالسيادة الوطنية بل إن عبير موسي تحدت الإدارة الأمريكية في خطابها في صفاقس في مارس الماضي عندما توجهت إلى رئيسها بايدن بالقول ” لن تحكموا تونس”.

إن دراسة هذه الأحداث والإشارة إلى ما صاحب حراك 25 جويلية من نزعة رفض الأحزاب ووضعها كلها في سلة واحدة دون تمييز والتسوية بين الدستوري الحر وحركة النهضة تدعو إلى اليقظة والتحذير من إمكانية التوافق مع جزء من حركة النهضة من ناحية ومحاصرة الحزب الدستوري الحر من ناحية ثانية خاصة بعد ارتفاع شعبيته مما يجعل حظوظه السياسية وافرة في المستقبل ويهدد منافسيه وخصومه.

لذلك وجب التحذير لأن الخاسر الوحيد في هذه الحالة هي تونس.

25 جويلية 2021 وماذا بعد ؟
أنشره
الموسومة على: