الحراك الوطني  والزهايمر السياسي وسقوط ورقة التوت

الحبيب السماوي – الشروق : 24 أفريل 2022

يشهد المشهد السياسي تحولات هامة بعد قرارات 25 جويلية 2021 التي جاءت استجابة لحراك وطني وشعبي بما فتح الباب على طريق تقويض دعائم منظومة الحكم التي تسببت على مدى عشرية كاملة في مزيد تدهور الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي وجرت البلاد إلى مستنقع الولاء للخارج والاعتداء على قوت الشعب.

لقد اصطف عموم الشعب والقوى الوطنية إلى جانب الإجراءات التي من أهمها حل مجلس نواب الشعب الذي أصبح يسيطر عليه تحالف تقوده حركة النهضة يمرر القوانين المعادية لمصالح الشعب وتحول إلى حاضنة بعض العناصر الإرهابية وملجأ للمهربين وأداة للاستقواء بالقوى الأجنبية المعادية للوطن. كما أيد الشعب قبل ذلك قرار إقالة الحكومة الفاشلة التي أغرقت البلاد مثل سابقاتها في وضع مالي صعب حيث تقلصت مصادر تمويل الميزانية وارتفعت نسبة التداين الخارجي مما أدى إلى مزيد الارتماء في أحضان المؤسسات المالية الدولية فتراجعت كل المؤشرات الاقتصادية نحو الأسوأ فارتفعت نسبة البطالة ونسبة الفقر وتراجع التصنيف السيادي إلى أدنى المستويات. لذلك اقتنعت القوى الوطنية أن الملاذ الوحيد هو مواصلة مؤازرة المسار السياسي المنبثق عن قرارات 25 جويلية والمتمثل في أجراء الاستفتاء والانتخابات التشريعية على أمل أن تكون متبوعة بإصلاحات اقتصادية واجتماعية مثل تحسين مناخ الاستثمار الوطني وتحسين القدرة الشرائية للخروج من الأزمة الاقتصادية وتوفير الموارد للمالية العمومية بمقاومة التهريب والتهرب الجبائي والاقتصاد الموازي في ظل محيط إقليمي غير مستقر ووضع دولي صعب بعد اندلاع الحرب الروسية مع أوكرانيا.

ومقابل هذه الإرادة السياسية التي ما زالت تحظى بدعم شعبي واضح تصر بعض القوى السياسية المدعية الدفاع عن الديمقراطية وتتجه نحو فك العزلة السياسية لحركة النهضة وحلفائها بتكوين معارضة تعتمد أساسا على الاستقواء بالأجنبي سياسيا وإعلاميا وترفع شعار الإنقاذ في حين أن الإنقاذ الحقيقي لبلادنا يمر عبر إنقاذها ممن تسببوا في كل ما لحق شعبنا من كوارث على جميع الجبهات سواء منها الداخلية مثل الاغتيالات السياسية وتصاعد الإرهاب أو الخارجية وفي مقدمتها حملات تسفير الشباب للانخراط في أعمال عدوانية على اشقائنا وخاصة في سوريا بعد أن كان شبابنا يتطوع لمقاومة العدو الصهيوني والمساهمة في معركة تحرير فلسطين

ويبدو أن بعض الوجوه السياسية أصيبت بمرض الزهايمر السياسي فدخلت في نفق مظلم سيعمق عزلتها ولن تنفعها أشلاء الحركة التي تدفع بها نحو الهاوية. أما مسار 25 جويلية فهو استمرار لمسار وطني يدافع على سيادة الشعب واستقلال الوطن والوفاء لدماء شهداء الوطن ضد المستعمر الفرنسي وشهداء المؤسستين الأمنية والعسكرية في مواجهة الإرهاب. غير أن هذا المسار الإصلاحي يقتضي المرور إلى السرعة الخامسة على كل المستويات. فعلى المستوى السياسي لا بد من مواصلة فتح الملفات الحارقة على غرار الجهاز السري لحركة والنهضة وكشف المورطين في الاغتيالات السياسية وفي تسفير شبابنا. أما على المستوى الاقتصادي فمن المطروح العمل على الاكتفاء الذاتي الغذائي ودعم الصناعة الوطنية وإيقاف التوريد العشوائي. ويتطلب الوضع الاجتماعي حل مشاكل البطالة والعمل الهش وتحسين المقدرة الشرائية ومقاومة الآفات الاجتماعية مثل العنف والادمان والهجرة غير النظامية.

الحراك الوطني والزهايمر السياسي وسقوط ورقة التوت
أنشره
الموسومة على: