السيادة الوطنية خارج قاموس مبادرة الإنقاذ

قول المثل ”تمخض الجبل فولد فأرا“ ويبدو أنّ الفأر الذي أنتجه جبل المبادرة فأر ميّت تنبعث منه رائحة كريهة تذكّرنا بعشرية الخراب والعمالة حيث غابت عنها السيادة الوطنية التي تمثل حجر الزاوية في الحكم على ما قبل 25 جويلية وما بعده في الوقت الذي نشهد فيه تكالبا مسعورا على بلادنا ومواجهة جريئة من الرئيس قيس سعيد بل إن المبادرة اقترحت تشريك ”خبرات أجنبية“ في بعض الملفات مثل التحقيق في الاغتيالات السياسية لمراجعة الأبحاث المجراة في حين أن هذا الخارج يقف وراء مصائب العشرية الماضية.

وتغاضت المبادرة على التطورات السياسية الدولية والإقليمية التي تتجه نحو نهاية الاستقطاب الدولي الواحد بينما تفاعلت القيادة السياسية لمسار 25 جويلية مع التطورات فأعادت العلاقات مع سورية ودعّمت موقفها الرافض للتطبيع ووثّــقــت علاقتها مع الشقيقة الجزائر. فهل من الصدفة أن كلمة ”وطني“ لم ترد ولو مرة واحدة في مقال جريدة الشارع المغاربي الذي عكس ما وجده في الوثائق التي اعتمد عليها؟..

لقد غاب على الرباعي في نسخته الثانية أنّ عهد اللّعب والتلاعب قد ولّى وأنّ مسار 25 جويلية خطا أشواطا في تطبيق خارطة الطريق التي وضعها على أنقاض منظومة 24 جويلية ومن أهمها سن دستور جديد قائم على السيادة الوطنية وتنظيم انتخابات تشريعية دون تدخل أجنبي فيها. وبدلا من الاعتراف بفشل المبادرة وعوض التفاعل مع الواقع والمساهمة الإيجابية في إنقاذ البلاد من منطلق وطني ما زال البعض مصرًّا على العناد متقاطعا تحت مُسمّى “مبادرة الإنقاذ الوطني” مع “جبهة الخلاص الوطني” المقبورة.

ولئن لا يُستغرب الإصرار على هذا النهج المشبوه من قبل بعض مكوّنات المبادرة باعتبار أنها ممَوَّلة من جهات أجنبية مثل الاتحاد الأوروبي فإن الغريب انخراط منظمتين عريقتين عُرفتا بتاريخهما الوطني ولكن الأغرب قيادة هذه المبادرة من قبل أعرق منظمة وطنية في البلاد بل في الوطن العربي تأسّست على يدي الزعيم الوطني والنقابي الشهيد فرحات حشاد ثم ساهمت عبر زعماء آخرين في بناء الدولة الوطنية وتحقيق مكاسب اقتصادية واجتماعية وهي الاتحاد العام التونسي للشغل.

فهل آن الأوان للتحلي بالشجاعة وإعلان خبر وفاة المبادرة والإقدام على المساهمة في معركة التحرير الوطني التي أعلنها الرئيس قيس سعيد أم مواصلة السير في طريق مسدود؟

السيادة الوطنية خارج قاموس مبادرة الإنقاذ
أنشره
الموسومة على: