صوت الوطن : العدد ‘(74) – فيفري 2024
عاد الجدل السياسي والبرلماني والإعلامي حول مشروع القانون الأساسي الذي أحاله رئيس الجمهورية في شهر جانفي الماضي إلى مجلس نواب الشعب، والمتعلق بالموافقة على اتفاقية إقامة مقر بين الحكومة التونسية وصندوق قطر للتنمية حول فتح مكتب لهذا الصندوق بتونس والتي تم إمضاؤها بين الطرفين رسميا سنة 2019.
تباين في المواقف حول الاتفاقية
برز موقفان اثنان من الاتفاقية
* موقف أول
يحث مجلس نواب الشعب على إسقاطها نظرا لما تشكله من خطر على أمن تونس ومسّ من سيادتها مذكرا بما تعرضت له الاتفاقية من نقد وطعن من قبل كتلتين برلمانيتين عندما عرضت على البرلمان المنحل في جوان 2021.
* موقف ثان
يدعو إلى المصادقة عليها باعتبارها تخضع كغيرها من الاتفاقيات إلى قواعد عامة في العلاقات الدولية وفي التشريع التونسي ولا تختلف من حيث المضمون والجوهر عن اتفاقيات أخرى أمضتها تونس مع مؤسسات شبيهة كالصندوق الكويتي للتنمية وغيره فضلا على موقف رئيس الجمهورية الضامن لسيادة تونس.
مسار 25 جويلية وتغيّر المشهد السياسي
رغم ما حام حول هذه الاتفاقية سابقا من توجّس فقد جاءت إحالة رئيس الجمهورية لمشروع القانون لمجلس نواب الشعب في ظل ظروف سياسية جديدة متميّزة باليقظة تجاه كل ما من شأنه أن يمس بالسيادة الوطنية. ولنا في الموقف الحازم مع صندوق النقد الدولي في السنة الماضية أحسن دليل. لذا ليس من الوارد أن يتمكن صندوق التنمية القطري من ممارسة أي ضغط على تونس أو ينتهك سيادتها.
وتجدر الإشارة إلى أنّ صندوق قطر للتنمية مؤسّسة مالية عامة تابعة لرئاسة الحكومة القَطرية لها ذاتية التصرف والشخصية القانونية لاتخاذ القرارات وإمضاء الاتفاقيات، وهي الآلية التي اختارتها قطر لتنظيم الاتفاقيات الإنمائية بينها وبين الأقطار العربية ومن بينها تونس بمنح قروض أو تمويل استثمارات.
الموقف المناسب في الظرف المناسب
إن الخلافات مع قطر أو غيرها من الأقطار العربية في بعض القضايا لا يعني القطيعة المطلقة معها بل إنه من الضروري تطوير العلاقات البينية العربية لا سيما في المجالات المالية والاقتصادية والحيلولة دون البقاء تحت رحمة الغرب الاستعماري الصهيوني الغاشم بل واستغلال المستجدات في العلاقات الدولية. والأهم أن هناك اليوم ضمانة رئيس الدولة في الدفاع عن تونس وسيادتها بما يقلل من منسوب التوجس ونزعة التهويل.