شعبُ فلسطين: العينُ التي تُقاوِم المِخْرَز

بقلم د. بدر السماوي -جريدة ” الشعب “- 21 أفريل 2022

“الاحتلال الوحش، كائن من غبار”. بهذه الكلمات المعبّرة اختتم الأسير أيهم كممجي، أحد أبطال عملية الهروب الكبير عبر نفق سجن جلبوع في شهر سبتمبر الماضي، رسالته إلى والدته ينعى فيها شقيقه شأس كممجي الذي سقط، الأسبوع الماضي شهيدا في جنين في مواجهة قوات الاحتلال الصهيوني، دفاعا عن الأرض الفلسطينية الطاهرة.

لقد حاول العدو الغاصب بتغوله الهمجي تدجين الشعب الفلسطيني ليرضى بالاحتلال. فمنذ مطلع السنة الحالية سقط47 شهيدا من بينهم 8 أطفال وامرأتان. ولم تتوقف المداهمات اليومية والتفتيش البربري والاعتقالات بالمئات من ذلك 450 معتقل في الأقصى وحده يوم الجمعة الماضي. ولم تسلم الأراضي من المصادرة والتجريف ولم تنجُ البيوت من الهدم وتمّ ومنع الفلاحين والصيادين من الارتزاق ووقع التنكيل بالتلاميذ وبالمدرسين، فضلا على معاناة 4600 أسير فلسطيني بينهم 31 امرأة و180 طفلا و547 محكوما بالمؤبد، وحبس 500 أسير إداري دون تهمة ودون محاكمة. إنه مشهد مغرق في البشاعة والوحشية وسط صمت دولي وأممي مخزٍ وفي ظل سياسات الكيل بمكيالين التي تنفذها الدول الكبرى بتواطؤ من الأمم المتحدة التابعة لها والمنظمات الحقوقية التي تنتهج سياسة “صمّ، بكمٌ، عُمي” . ومن حين لآخر يلجأ الصهاينة إلى إجراء يكون بمثابة الصاعق الذي يفجّر الأوضاع في فلسطين: فمن تجريف الأراضي بالنقب، إلى استهداف حي الشيخ جراح بالقدس إلى استهداف مخيم جنين وآخرها الاستفزاز الصهيوني بالتخطيط لاقتحام باحات المسجد الأقصى وتقديم القرابين كخطوة تسبق هدمه وإقامة ” هيكل سليمان ” المزعوم على أنقاضه. فهل استكان شعب الجبارين إلى هذا القهر الذي لم يشهد العالم له مثيلا في تاريخ الاحتلال؟ بالتأكيد لم يستكن ولن يستكين. فهو يقود المواجهة منذ وعد بلفور مرورا بهبة البراق في 1929 وثورة 1936 -37 وحرب 1948 والكفاح المسلح منذ منتصف ستينات القرن الماضي، والانتفاضة الأولى والثانية ومواجهات غزة التي خلقت معادلة رعب جديدة مع العدو.

إنها مسيرة متواصلة لم تتوقف أبدا، وإنه شعب ما انفك يقدم القرابين والشهداء لتحرير وطنه، وها هو يقف اليوم على أبواب هبّة جديدة تتلاحم فيها القدس والضفة الغربية وأراضي 48 وغزة وتتمازج فيها أشكال النضال من المسيرة والإضراب والمواجهات والطعن والدهس وإضراب الجوع إلى العمليات المسلحة. ففي شهر مارس الماضي سجلت التقارير الصهيونية 471 عملية مقاومة منها 52 عملية إطلاق نار، 25 منها في جنين و9 عمليات طعن وعملية دهس واحدة و7 عمليات إحراق منشآت عسكرية صهيونية و28 عملية إلقاء قنابل مولوتوف، مما زاد من تنامي العمليات النوعية التي نفذها شباب مؤمن بتحرير وطنه. ففي ثلاثة أسابيع فقط نفذت المقاومة عمليات أدت لمقتل 14 صهيونيا وهو عدد لم يسقط طيلة سنتي 2020 و2021. فكانت عملية البطل رعد حازم في شارع ديزنغوف في تل أبيب وعملية البطل ضياء حمارشة في بني براك في تل أبيب، والحبل على الجرار. وعادت الفصائل المسلحة للبروز في جنين ونابلس ورام الله.

وهكذا يقوم الشعب الفلسطيني بصقل وحدته الوطنية عبر الدم والتضحية والفداء مما يُملي على أمتنا العربية أن تهبّ لدعمه بكل الإمكانيات وفي مقدمتها الدعم المادي بمختلف أشكاله والدعم الإعلامي عبر التعريف بالقضية وتنشيط التظاهرات والمعارض والمظاهرات من أجل فضح جرائم العدو والتصدي للانحياز الأعمى لوسائل التواصل الاجتماعي للكيان الصهيوني وتعمدها التغطية على جرائمه. كما أنه من الواجب التصدي لكل خطط التطبيع وفرض قوانين رسمية تجرٌم التطبيع وتقطع الطريق على التغلغل الصهيوني في أقطارنا حتى يتم تجسيد عبارة أيهم كممجي” الاحتلال الوحش كائن من غبار” التي ليست سوى صيغة أخرى لمقولة ” الإمبريالية نمر من ورق” أو ” الكيان الصهيوني أوهن من بيت العنكبوت” حيث أن خيوط الكيان الغاصب بصدد الانهيار والتمزق بسواعد المجاهدين في فلسطين ولبنان وسوريا وكل جبهات الصمود والعز في محور المقاومة.

شعبُ فلسطين: العينُ التي تُقاوِم المِخْرَز
أنشره