ما تزال المواد الأساسية مثل الحليب والزيت والبيض نادرة الوجود وارتفعت أسعارها وتم اللجوء إلى المخزون الاستراتيجي ولم تنفع حملات مقاومة المضاربة والاحتكار في توفيرها. وكشفت حادثة الغرق في جرجيس وما تلاها من دفن بعض الجثث بطريقة مشبوهة عن عمق مأساة الهجرة غير الشرعية. وتفتقد العديد من المناطق والأحياء للماء الصالح للشرب ولم يتم رفع النفايات المكدسة في أغلب المدن والمهدّدة بانتشار الأوبئة. وانحبست الأمطار في فصل الخريف مما عمّق مخاوف الفلاحين بل كل السكان. وأصبح قطاع النقل بمختلف أنواعه في حالة شبه شلل بسبب افتقاده للحد الأدنى من وسائل العمل.
وعرفت عدة أحياء شعبية وخاصة في العاصمة تحركات واسعة لأسباب مختلفة تخللتها مواجهات مع قوات الأمن سقط فيها عدة ضحايا. ولم تنطلق إلى حدّ عطلة الخريف السنة الدراسية بالنسبة لما يناهز نصف مليون تلميذ بسبب إضراب المعلمين المتخرجين من مدارس التربية أو المعلمين النواب المطالبين بانتدابهم. وعاد منذ أيام المعطلون عن العمل إلى الاحتجاج بعد ان فقدوا الأمل في حل بديل للقانون 38 مع عدم استعدادهم لتكون الشركات الأهلية تعويضا لانتدابهم في الوظيفة العمومية. ودبّ اليأس في صفوف عملة الحضائر بسبب مماطلة الحكومة في انتدابهم سواء ممن هم دون 45 سنة أو ممن سنهم بين 45 و 55 سنة.
ولئن اجتهدت السلطة في إيجاد بعض الحلول مثل إعادة فتح معمل السكر بباجة والحلفاء بالقصرين والحد من التوريد العشوائي من خلال اشتراط الموافقة القبلية على بعض المواد والموافقة على الترفيع في الأجور فإنها واصلت اللجوء إلى التداين وخاصة منه الخارجي في محاولة لمنع أي انفلات للوضع الاجتماعي فسعت إلى الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي مع ما سيتبعه من تطبيق شروطه كرفع الدعم والتفويت في المؤسسات العمومية.
وعلى الرغم مما شاب تحركات محدودة من تصعيد مدفوع الأجر وتوظيف من منظومة ما قبل 25 جويلية فإن أغلب النضالات والاحتجاجات تعكس حالة من الغضب والاستياء من تدهور الأوضاع مما يستوجب من رئيس الجمهورية ومن الحكومة إيجاد حلول عاجلة فالإنسان الجائع أو المريض أو المحروم من التعليم أو الذي فقد أحد أقاربه في البحر ينتظر انفراجا اقتصاديا واجتماعيا يعيد له الأمل للتوجه لصندوق الاقتراع. كما يطرح على المناضلين الوطنيين الالتصاق بشواغل الجماهير وتأطير نضالاتها والحيلولة دون انحرافها عن أهدافها.