تعيش تونس منذ عشر سنوات تضخما غير مسبوق في عدد الأحزاب والجمعيات: ما يفوق 200 حزبا وما يقارب الـ24 ألف جمعية نصفها تقريبا تعيش على التمويل الأجنبي الذي لم يمنعه المرسوم عدد 88 لسنة 2011. والمعلوم أنّ بعض هذه الجمعيات ليست سوى بنْية تحتية لحركة النهضة انطلقت منذ سنة 2011 فأصبحت تتحرك من خلالها فاخترقت المجتمع التونسي بشبابه ونسائه ونقاباته وموّلت الإرهاب وعملت على بث الفرقة وضرب انتمائنا والمسّ من خصوصيتنا الثقافية.
إنها تركة سيئة مطروح تصفيتها في إطار واجب وطني أشمل هو تصفية مخلفات الربيع العربي المزعوم في مستوى الإدارة ومؤسسات الدولة وفي المجال التشريعي. في هذا الإطار جاءت بادرة من نواب لجنة الحقوق والحريات في المجلس النيابي بوضع قانون الأحزاب والجمعيات على طاولة البحث بهدف بلورة مبادرة تشريعية لتغييره. وإذ تقف حركة النضال الوطني إلى جانب هذه المبادرة النيابية وتدعمها فإنها تريد لفت انتباه السادة النواب المبادرين إلى نقطتين:
الأولى :
إعطاء الأولوية للمعالجة السياسية فضلا عن المعالجة القضائية والأمنية لوضع الأحزاب والجمعيات في تونس بالتركيز في تنقيح المرسومين على باب المبادئ العامة وبصفة خاصة أحكام الفصلين 3 و4 منه وعدم الاقتصار على باب الأحكام المالية وبصفة خاصة التمويل الأجنبي للجمعيات. فمحتوى الفصلين 3 و4 في باب المبادئ العامة هو المدخل لهذه المعالجة السياسية حيث اقتصرت مرجعية مرسومي 2011 على “الاتفاقيات الدولية” التي تعني “الديمقراطية وحقوق الإنسان” ولم تنصّص على أيٍّ من ثوابت المرجعية الوطنية كاحترام السيادة الوطنية وعدم الاستقواء بالخارج أو منع الدعوة للتطبيع مع الكيان الصهيوني كثابتة من ثوابت شعبنا تحوز على إجماعه.
الثانية :
تتمثل في أن مشروع تنقيح مرسوم الجمعيات الذي أعدته الحكومة في فيفري 2022 لم يُدخل أي تنقيح على الفصلين 3 و4 من مرسومي 2011 ولم يقم بالتالي بإعادة الاعتبار لثوابت المرجعية الوطنية ولم يتدارك الاقتصار على مرجعية “الاتفاقيات الدولية” بما يضمن عدم تواصل الوضع السلبي الحالي أو تكراره في المستقبل.
كلنا ثقة في نوابنا لتصويب النصوص المنظمة للأحزاب والجمعيات بما يتطابق مع السيادة الوطنية التي كرسها دستور 25 جويلية 2022.