د.بدر السماوي : عضو المكتب السياسي لحركة النضال الوطني – الشروق – 8 مارس 2024

فليكن رمضان شهر رعبٍ للاحتلال.. واليوم التالي في غزة تحدّده المقاومة” ذلك ما وعد به بل توعد به أبو حمزة الناطق باسم سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي وطوفان الأقصى يدخل شهره السادس. ويأتي هذا التصريح قبيل حلول شهر رمضان المعظم الذي من المنتظر أن يشهد طوفانا أكثر عَصفا في الضفة الغربية والقدس سواء بسبب سياسة الاحتلال المستمرة قبل السابع من أكتوبر أو بعده أو بسبب الإجراءات التي أعلن عن اتخاذها بمنع المصلين من الوصول إلى المسجد الأقصى.

الضفة وغزة جناحا فلسطين

لم يكن “طوفان الأقصى” من أجل غزة وحدها بل من أجل فلسطين، كل فلسطين ومن أجل الضفة الغربية المحتلة قلب فلسطين ومن أجل القدس قلب الضفة ومن أجل الأقصى قلب القدس ، بل إنّ تسمية المعركة الحالية ب “طوفان الأقصى” أكبر دليل على أنّ غزة والضفة والقدس وكل فلسطين وحدة صمّاء لا تتجزّأ.

لقد أـجبرت المقاومة العدو على بعثرة قواته بين غزة وشمال فلسطين والضفة التي استشعر منها الخطر الأكبر فيما لو خرجت عن السيطرة لذلك سخّر لها آلة حربه وتدميره فقام بتجريف المخيمات واغتيال ما يقارب 400 شاب مقاوم واعتقال قرابة 7500 آخرين منذ 7 أكتوبر إضافة إلى 6 آلاف أسير سابق و500 محكومين بالمؤبد. وهكذا أصبح الكيان المحتل بعد “طوفان الأقصى” يعتبر أنه في معركة وجود فانبرى يعمل بشكل هستيري على محو غزة وتحويل أراضي 48 إلى سجن كبير. أما الضفة فأفرد لها ثلث جيشه لمحاولة منع انطلاق ماردها من القمقم.

المقاومة صامدة

أراد الكيان الغاصب في إطار مخطط التهجير ووضع اليد على الأقصى استغلال عدوانه على غزة التي لم يعد فيها خط أحمر فسارع في نسق تحقيق أهدافه ومنها تهجير أهل الضفة إلى الأردن وبسط اليد على المسجد الأقصى بقرار التضييق على المصلين خلال رمضان القادم والبحث بصفة موازية على هدنة في غزة لعله يلتقط فيها أنفاسه المنهكة بالخسائر الفادحة ليتفرغ للضفة. لكن هيهات له فالمقاومة التي أبدعت في ساحات المعارك وفي المفاوضات واعية بمناوراته ومن يقف وراءها ومتمسكة بالوقف الكامل لإطلاق النار سواء في غزة أو في الضفة وإلغاء قرار التضييق على المصلين في المسجد الأقصى.

لقد كالت المقاومة حتى الآن خسائر كبيرة للعدو وهو ما تجسد في وهن جيشه وتخبّطه وهروب المستوطنين بمئات الآلاف وتنامي الهجرة المضادة والانهيار الاقتصادي غير المسبوق والتناحر الداخلي بين قادته وهو ما يُنبئ بأن انتصار المقاومة حتميّ بمواصلة البناء والصمود والوحدة .

الضفة تاريخ مشرف من المقاومة

وللتذكير فقد مثلت الضفة الغربية دوما كابوسا مرعبا للاحتلال الذي لم يتمكن من احتلالها عام 1948. وحين احتلها عام 1967 تحولت إلى بركان متفجر تُوّج بالانتفاضة الأولى، انتفاضة الحجارة عام 1987 التي استمرت سنوات فسعى إلى إجهاضها بواسطة اتفاقيات أوسلو المذلّة التي صادرت سلاح المقاومة وشكلت غطاء لقضم الأرض وتغوّل المستوطنين الذين تضاعف عددهم في الضفة بعد أوسلو سبعة أضعاف مما كان عليه قبلها ليصل اليوم إلى 750 ألف مستوطن منهم 250 ألف في القدس. وتمكن العدو عبر مؤامرة أوسلو من الاستحواذ على المقدسات فبعد أن وضع يده على المسجد الإبراهيمي في الخليل بدأ مخطط الاستحواذ على المسجد الأقصى على يدي المقبور شارون باقتحامه عام 2000 قبلة المسلمين الأولى مما فجّر الانتفاضة الثانية “انتفاضة الأقصى” لتتحول إلى انتفاضة مسلحة فعمّت العمليات الاستشهادية كل مكان مما دفعه إلى شنّ حملة دموية على الضفة ضاربا عرض الحائط اتفاقيات أوسلو نفسها إلى حد قيامه باغتيال ياسر عرفات وجعل خليفته أداة لتنفيذ مشروعه الاستيطاني عبر التنسيق الأمني البغيض.

الضفة تنهض من جديد

تمكنت المقاومة في الضفة الغربية في السنتين الأخيرتين من إعادة بناء قوتها في صمت وثبات وبدأت تنتشر الكتائب المسلحة في مختلف المدن من عرين الأسود إلى كتيبة جنين وكتيبة نابلس لتتحول إلى عشرات الكتائب المتمركزة في كل مكان وبدأ العدو يصحو على كابوس تنامي هذه الظاهرة ، فشرع في محاولات إجهاضها بعد أن ارتقت المقاومة بالسكاكين والدهس إلى عمليات إطلاق رصاص انضم لها الشرفاء من الشرطة الفلسطينية . تلك هي الضفة التي ما انفك العدو يحاصرها لكنها لم تنفك تقاوم وها هي تستعد للمرور في الأيام القادمة إلى السرعة القصوى على طريق دحر الاحتلال من كل شبر من فلسطين.

طوفان الأقصى يدخلُ شهرهُ السادس:الضفّةُ تُلهمُهُ ورَمضانُ يُلهِبُهُ
أنشره