إنه عيد الاستقلال الذي ناضلت من أجله القوى الوطنية وفي مقدمتها الحزب الحر الدستوري التونسي وقاد الفلاقة ثورته المسلحة وتزعم كفاحه الطويل والمضني زعماء وطنيون من أمثال الحبيب بورقيبة وصالح بن يوسف والحبيب ثامر والمنجي سليم واستشهد الآلاف منهم وعلى رأسهم الزعيمان فرحات حشاد والهادي شاكر.
إنه الاستقلال السياسي الذي تم بمقتضاه تحرير البلاد من المستعمر الفرنسي وبناء دولة وطنية ضمت مختلف القوى السياسية والاجتماعية ومن ضمنها الاتحاد العام التونسي للشغل
إنه الاستقلال الذي أدى إلى بعث الجيش الوطني وتنظيم الانتخابات التشريعية سنة 1956 وإعلان الجمهورية سنة 1957 وإصدار الدستور سنة 1959 واستكمال تحرير البلاد بعد عدة معارك منها معركة رمادة سنة 1958 وبنزرت سنة 1961 حتى جلاء آخر جندي سنة 1963.
إنه الاستقلال الاقتصادي الذي استرجع الأراضي الفلاحية من المعمرين واستعاد السيطرة على الثروات الوطنية ووفر المرافق العمومية كالتعليم والصحة والنقل وغيرها لمختلف الفئات والجهات.
إنه لمن المؤسف أن نجد اليوم أنفسنا مضطرين للتذكير بالبديهيات ولكن المؤسف أكثر أن من يشككون في تاريخ بلادنا وينكرون استقلالها وينقلبون على دماء شهدائها هم أنفسهم الذين يتسابقون اليوم في التفريط في سيادتها وهم الذين خربوا خلال العشرية السوداء الأخيرة مفاصل الدولة في ظل ما سمى بالربيع العربي بزعامة حركة النهضة التي تقوم بتنفيذ أجندة أمريكية صهيونية عثمانية ضاربة عرض الحائط باستقلالية القرار الوطني سياسيا واقتصاديا وثقافيا ومصطفة في أحلاف معادية للأمة مستهدفة أنظمتها الوطنية. لذلك يشكك هؤلاء في الاستقلال ولا يحتفلون به حتى لا تتعرف الأجيال الجديدة على مغزاه فتثور عليهم وعلى أسيادهم.
لكن من سوء حظهم أن هناك قوى وطنية متمسكة بمبادئ الاستقلال ومتمترسة في خندق الدفاع عن السيادة الوطنية عبر برنامج لإنقاذ البلاد يتضمن التمسك بثوابت الدولة الوطنية ودعامتها المؤسستان الأمنية والعسكرية التي ما انفكت تدافع عن السيادة الوطنية وتحارب الإرهاب لاسيما ملحمة بن قردان. كما تناضل القوى الوطنية من أجل عدم التفويت في المؤِسسات العمومية وتحقيق العدالة الاجتماعية والحريات الأساسية والعمل على تعزيز العلاقات التاريخية مع بلدان الجوار المغاربية والدفاع على القضايا القومية وعلى رأسها تحرير فلسطين ورفض التطبيع مع الكيان الصهيوني.